قال : وأرسل معاوية إلى عبد الرحمن بن أبي بكر وابن عمر وابن الزبير فأخبر أنّهم قد مضوا إلى مكة ـ وذكر غيره انّ الحسين أيضاً ممّن خرج إلى مكة ـ قال ابن اعثم : فسكت ساعة يفكر في أمرهم ، ثمّ أرسل إلى عبد الله بن عباس فدعاه ، فلمّا دخل عليه قرّب مجلسه ثمّ قال : يا بن عباس أنتم بنو هاشم وأنتم أحق الناس بنا ، وأولاهم بمودتنا ، لأننا بنو عبد مناف ، وإنّما باعد بيننا وبينكم هذا الملك ، وقد كان هذا الأمر في تيم وعدي فلم تعترضوا عليهم ، ولم تظهروا لهم من المباعدة ثمّ قتل عثمان بين أظهركم فلم تغيّروا ، ثمّ وليت هذا الأمر فوالله لقد قرّبتكم وأعطيتكم ورفعت مقداركم ( أقداركم ) فما تزدادون مني إلاّ بُعداً ، وهذا الحسين بن عليّ قد بلغني عنه هنات غيرها خير له منها ، فاذكروا عليّ بن أبي طالب ومحاربته إياي ومعه المهاجرون والأنصار ، فأبى الله تبارك وتعالى إلاّ ما قد علمتم ، أفترجون بعد عليّ مثله؟ أم بعد الحسن مثله؟
قال : فقطع عليه ابن عباس الكلام ثمّ قال : صدقت يا معاوية نحن بنو عبد مناف ، وأنتم أحق الناس بمودتنا وأولاهم بنا ، وقد مضى أوّل الأمر بما فيه فأصلح آخره فإنّك صائر إلى ما تريد ، وأمّا ما ذكرت من عطيّتك علينا فلعمري ما عليك في جود من عيب.
وأمّا قولك : ذهب عليّ أفترجون مثله؟ فمهلاً يا معاوية رويداً لا تعجل ، فهذا الحسين بن عليّ وهو حيّ وهو ابن أبيه ، واحذر أن تؤذيه يا معاوية ، فيؤذيك أهل الأرض ، فليس على ظهرها اليوم ابن بنت نبيّ سواه.
فقال معاوية : إنّي قد قبلت منك يا بن عباس.