قال : ثمّ رحل معاوية إلى مكة ورحل معه كافة أصحابه وعامة أهل المدينة وفيهم عبد الله بن عباس » (١).
وأظن نحو إيهام في العبارة : ( ورحل معه كافة ... وفيهم عبد الله بن عباس ) إذ لا يعني أنّ عبد الله بن عباس ممّن خرج مع معاوية في ركابه كما قد يتوهم ذلك. بل كان خرج منفصلاً عن معاوية ، فقد كان له موكب كما كان لمعاوية موكب. فقد أخرج ابن عبد البر في الاستيعاب وابن حجر في الصواعق عن يزيد ابن الأصم قال : « خرج معاوية حاجاً معه ابن عباس ، فكان لمعاوية موكب ولابن عباس موكب ممّن يطلب العلم. فالمعيّة معه إنّما هي معيّة الطريق بدلالة تعدّد الموكبين ، كما أنّهما اجتمعا في الطواف ، فكان معاوية يستلم الأركان كلّها فأنكر عليه ابن عباس ذلك » (٢).
وحديثه كما رواه أحمد في مسنده بسنده عن مجاهد عن ابن عباس : « أنّه طاف مع معاوية بالبيت فجعل معاوية يستلم الأركان كلّها ، فقال له ابن عباس : لم تستلم هذين الركنين ، ولم يكن رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم يستلمهما؟
فقال معاوية : ليس شيء من البيت مهجوراً ، فقال ابن عباس : ( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) (٣) فقال معاوية : صدقت.
قال شاكر : اسناده صحيح وروى الترمذي معناه مختصراً باسناد آخر عن ابن عباس » (٤).
____________________
(١) الفتوح لابن أعثم الكوفي ٤ / ٢٣٥ ـ ٢٣٩.
(٢) الاستيعاب ٢ / ٣٥٢ ، والصواعق المحرقة / ١٠٧.
(٣) الأحزاب / ٢١.
(٤) مسند أحمد ٣ / ٢٦٦ برقم ١٨٧٧ تح ـ أحمد محمّد شاكر ، وأنظر صحيح الترمذي ٢ / ٩٢.