وإن شئت فما صنع أبو بكر عهد إلى رجل من قاصية قريش وترك من ولده ومن رهطه الأدنين من كان لها أهلاً.
وإن شئت فما صنع عمر جعلها شورى في ستة نفر من قريش يختارون رجلاً منهم ، وترك ولده وأهل بيته ، وفيهم من لو وليها لكان لها أهلاً.
فقال معاوية : هل غير هذا. قال : لا. ثمّ قال للآخرين ما عندكم؟ قالوا نحن على ما قال ابن الزبير.
فقال معاوية : إنّي أتقدم اليكم وقد أعذر من أنذر ، إنّي قائم فقائل مقالة فأقسم بالله لئن رد عليَّ رجل منكم كلمة في مقامي هذا لا ترجع إليه كلمته حتى يضرب رأسه ، فلا ينظر امرؤ منكم إلاّ إلى نفسه ، ولا يبقي إلاّ عليها.
وأمر أن يقوم على رأس كلّ واحد منهم رجلان بسيفيهما ، فإن تكلم بكلمة يرد بهما عليه قوله قتلاه » (١).
قال ابن قتيبة في الإمامة والسياسة : « وأمر معاوية من حرسه وشرطته قوماً أن يحضروا هؤلاء النفر الّذين أبوا البيعة وهم الحسين بن عليّ وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عباس وعبد الرحمن بن أبي بكر وأوصاهم معاوية قال : إنّي خارج العشيّة إلى أهل الشام فأخبرهم أنّ هؤلاء النفر قد بايعوا وسلّموا ، فإن تكلم أحد منهم بكلام يصدقني أو يكذبني فيه فلا ينقضي كلامه حتى يطير رأسه ، فحذر القوم ذلك.
فلمّا كان العشي خرج معاوية وخرج معه هؤلاء النفر وهو يضاحكهم ويحدّثهم ، وقد ألبسهم الحلل ، فألبس ابن عمر حلة حمراء ، وألبس الحسين حلة
____________________
(١) الإمامة والسياسة ١ / ١٥٧.