صفراء ، وألبس عبد الله بن عباس حلة خضراء وألبس ابن الزبير حلة يمانية ـ ولم يذكر عن حلة ابن أبي بكر شيئاً ـ ثمّ خرج بينهم ، وأظهر لأهل الشام الرضا عنهم وأنّهم بايعوا فقال : يا أهل الشام إن هؤلاء النفر دعاهم أمير المؤمنين فوجدهم واصلين مطيعين وقد بايعوا وسلّموا. قال ذلك والقوم سكوت لم يتكلموا شيئاً حذر القتل ، فوثب أناس من أهل الشام فقالوا يا أمير المؤمنين إن كان رابك منهم ريب فخلّ بيننا وبينهم حتى نضرب أعناقهم ، فقال معاوية سبحان الله ما أحلّ دماء قريش عندكم ، يا أهل الشام لا أسمع لهم ذكراً بسوء ، فإنهم قد بايعوا وسلّموا وارتضوني فرضيت عنهم ( رضي الله عنهم ).
ثمّ ارتحل معاوية راجعاً وقد أعطى الناس أعطياتهم وأجزل العطاء ، وأخرج إلى كلّ قبيلة جوائزها وأعطياتها ، ولم يخرج لبني هاشم جائزة ولا عطاء ، وذلك فيما تخيّله سيحمل بني هاشم على الضغط على الحسين ( عليه السلام ) ليبايع ، ولكنه فشل في تصوره فقد خرج عبد الله بن عباس في أثره حتى لحقه بالروحاء ـ.
فجلس ببابه فجعل معاوية يقول مَن بالباب؟ فيقال عبد الله بن عباس ، فلم يأذن لأحد ، فلمّا استيقظ قال : من بالباب؟ فقيل عبد الله بن عباس ، فدعا بدابته فأدخلت إليه ثمّ خرج راكباً فوثب إليه عبد الله بن عباس فأخذ بلجام البغلة ثمّ قال : أين تذهب؟ قال إلى الشام قال : فأين جوائزنا كما أجزت غيرنا؟ فأومأ إليه معاوية فقال : والله ما لكم عندي جائزة ولا عطاء حتى يبايع صاحبكم.