ونحن لا نناقشه في انتفاع معاوية بالدعوة في الدنيا فدلائل نهمه كثيرة (١) ، ولكن من أين له إثبات ذلك في الآخرة؟! وهي غيبٌ محجوب ، لا يعلمه إلاّ علاّم الغيوب ، وما ذكره من تركيب مسلم فضيلة لمعاوية ، فهو كسائر تمحلاته الآتية وما أدراك ما هي؟ على أنّ الحديث ليس فيه ( أنّه كان كاتب النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) منذ أسلم ).
قال النووي : « وأمّا دعاؤه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أن لا يشبع حين تأخر ففيه الجوابان السابقان : أحدهما أنّه جرى على اللسان بلا قصد ( ونحن نقول : غفرانك اللّهمّ ان هذا إلاّ بهتان عظيم ) ، والثاني أنّه عقوبة له لتأخره ، وقد فهم مسلم ( رحمه الله ) من هذا الحديث أنّ معاوية لم يكن مستحقاً للدعاء عليه فلهذا أدخله في هذا الباب ، وجعله غيره من مناقب معاوية لأنّه في الحقيقة يصير دعاءً له » (٢) (؟!).
وقال الذهبي : « فسرّه بعض المحبّين قال : لا أشبع الله بطنه حتى لا يكون ممّن يجوع يوم القيامة لأن الخبر عنه أنّه قال : أطول الناس شبعاً في الدنيا أطولهم جوعاً يوم القيامة.
____________________
(١) راجع على سبيل المثال أنساب الأشراف تح ـ احسان عباس ( بنو عبد شمس ) ١٤ برقم ٤٤ ـ وهذا بعضه في المستطرف ١ / ١٦٥ ـ و ٤٢ برقم ١٥٥ وذكر في الهامش هذا في الطبري ٢ / ٢٠٨ والبخلاء / ١٣٩ وعيون الأخبار ٣ / ٢٢٨ والبصائر ٤ / ٢٤٢ وربيع الأبرار / ٢١٩ أ والعقد ٦ / ٢٩٩ وابن الأثير ٤ ـ ٧ ـ ٨ وقوت القلوب ٤ / ٧٩ وابن كثير ٨ / ١٤١ وتاريخ ابن عساكر / ١٠ / ١٥٧.
وراجع أيضاً أنساب الأشراف / ١٢٥ برقم ٣٥٧ وفي الهامش هذا في أخبار الظراف / ٢٤.
وأيضاً في أنساب الأشراف ١٢٥ برقم ٣٥٨ وفي الهامش هذا في نهاية الإرب ٣ / ٣٤٣ والمروج ٥ / ٧٤ والمستظرف ١ / ١٦٥ وابن كثير ٨ / ١١٩ وربيع الأبرار ٢١١ / أسبع أكلات.
وقال البلاذري في فتوح البلدان / ٤٧٩ ط مصر سنة ١٣١٩ : ودعاه يوماً وهو يأكل فأبطأ فقال : لا أشبع الله بطنه ، فكان يقول : لحقتني دعوة رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وكان يأكل في اليوم سبع أكلات وأكثر وأقل.
وقد أضحى معاوية في نهمه مورد النكتة حتى قيل في ذلك :
وصاحب لي بطنه زاويه كأنّما في بطنه معاوية
(٢) شرح صحيح مسلم ٢ / ٣٢٥ ط الهند و ١٦ / ١٥٦ ط مصر.