وأخيراً نختم الكلام عن رأيه في الصحبة ومن يتشدّق بها انتماءً بما رواه البزار بسند صحيح عن ابن عباس قال : « يقول أحدهم أبي صحب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وكان مع رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، ولَنعلٌ خَلِِقٌ خير من أبيه » ، قال الهيثمي : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح (١).
فهو لا يقيم الوزن لمجرد الصحبة العامة إذ ليس كلّ من رأى النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أو صحبه يستحق شرف الصحبة ما لم يحسن الصحبة في حياة النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ويؤدي حقّ الصحبة بعد وفاته. فذلك هو الّذي يحظى بوصف الصحبة الحقيقية على ضوء ما ذكره ابن عباس أخذاً من التخصيص الشرعي الّذي استفاده من القرآن الكريم. أمّا الّذين أساؤا إلى النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في الحياة ، ولم يحسنوا بعد الممات فهم في الدرك الأسفل من النار وإن شملهم الإطلاق اللغوي ، وضمّت تراجمهم معاجم الصحابة ، ويكفينا دليلاً أخبار الحوض الصحيحة الّتي تُخرج الكثير الكثير من حظيرة القدس وشرف الصحبة إلى مهاوي الحضيض في نار جهنم (٢).
فقد روى البخاري بسنده عن جبير بن نفير ـ في حديث مع المقداد بن عمرو قال فيه المقداد : « والله لقد حضر رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أقوامٌ كبّهم الله على مناخرهم في جهنم ... ( فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ) (٣) » (٤).
____________________
(١) مجمع الزوائد ١ / ١١٣.
(٢) لي رسالة في ذلك أسميتها ( قطف الروض من أحاديث الحوض ) جمعت فيها الأحاديث المتعلقة بذلك من الصحاح والمسانيد والسنن ، والتاريخ مع اعترافات خطيرة لأكابر الصحابة بأنهم أحدثوا بعد النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أحداثاً يخشون منها ، المؤلف.
(٣) الأعراف / ١٥٧.
(٤) الأدب المفرد / ٣٣ باب الولد قرة العين تح ـ محمّد فؤاد عبد الباقي ط السلفية سنة ١٣٧٥ بمصر.