مسلم (١) ، فجميع تلك من المزايدات الرخيصة ، ولكن هلمّ لنسأل مسلماً أو أي مسلم آخر هل قامت عند مسلم صاحب الصحيح الحجة بصحة هذا الخبر وهو الّذي يقول : « ما وضعت شيئاً في كتابي هذا المسند إلاّ بحجة ، وما أسقطت منه شيئاً إلاّ بحجة » (٢)؟
ثانياً : هل أنّ عنوان الباب الّذي ذكره ( باب من فضائل أبي سفيان ) يعني أنّ لأبي سفيان فضائل غير ما ذكره لمكان ( من ) التبعيضية ، وكلمة ( فضائل ) الّتي تعني الجمع؟ فهل هذا كان حقيقة أم على العين غشاوة؟
ثالثاً : هل كان يعرف زمن تلك الأحدوثة الكاذبة وأنّها لا بدّ أن تكون من بعد فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة الّتي أظهر فيها أبو سفيان كلمة الشهادتين بعد معاناته من صراع نفسيّ مرير؟ فكيف تصحّ وقد كان رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) تزوج بأم حبيبة بنت أبي سفيان في السنة السادسة من الهجرة أي قبل إسلام أبيها بسنتين؟ وهذا ما عليه اتفاق المؤرخين وأهل السير.
قال ابن الأثير في أسد الغابة : « لا اختلاف بين أهل السير في ذلك إلاّ ما وقع عند مسلم أنّ أبا سفيان لمّا أسلم طلب من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أن يزوجها أياها فأجابه إلى ذلك؟ وهو وهم من بعض الرواة » (٣).
وقال ابن عبد البر في الاستيعاب : « وقد ذكر الزبير في ذلك أخباراً كثيرة كلّها تشهد بتزويج النجاشي اياها بأرض الحبشة » (٤).
____________________
(١) تذكرة الحفاظ للذهبي ١ / ٣٨٩ افست طبع حيدر اباد.
(٢) نفس المصدر / ٣٩٠.
(٣) أسد الغابة ( ترجمة أم حبيبة ).
(٤) الاستيعاب ( ترجمة رملة بنت صخر أم حبيبة ) ٤ / ٢٩٨ بهامش الإصابة.