وبالتالي تمخض الجبل عن فارة ، واعترفوا بغرابته ومخالفته لما هو ثابت قطعاً. وعلى سبيل المثال نورد بعض أقوالهم :
١ ـ قال النووي ـ وهو أشهر من شرح صحيح مسلم وأكثرهم عناية واستيعاباً ـ : « واعلم أنّ هذا الحديث من الأحاديث المشهورة بالإشكال ، ووجه الاشكال : أنّ أبا سفيان إنّما أسلم يوم فتح مكة سنة ثمان من الهجرة ، وهذا مشهور لا خلاف فيه ، وكان النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قد تزوج أم حبيبة قبل ذلك بزمان طويل.
قال أبو عبيدة وخليفة بن خياط وابن البرقي والجمهور : تزوجها سنة ست ، وقيل سنة سبع ... » (١).
ثمّ حكى عن القاضي عياض وابن حزم :
٢ ـ وقال القاضي ـ عياض ـ : « والّذي في مسلم هنا أنّه زوّجها أبو سفيان غريب جداً ، وخبرها مع أبي سفيان حين ورد المدينة في حال كفره مشهور ». ولم يزد القاضي على هذا (٢).
٣ ـ وقال ابن حزم : « هذا الحديث وهم من بعض الرواة لأنّه لا خلاف بين الناس أنّ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) تزوّج أم حبيبة قبل الفتح بدهر بأرض الحبشة وأبوها كافر » ، وفي رواية عن ابن حزم أيضاً أنّه قال : موضوع قال : والآفة فيه من عكرمة بن عمار الراوي عن أبي زميل (٣).
ثمّ حكى النووي عن أبي عمرو بن الصلاح حملته على ابن حزم تبريراً لصحة رواية مسلم ، وليس تبريره سوى مكابرة ومصادرة.
____________________
(١) شرح النووي على صحيح مسلم بهامش ارشاد الساري ٩ / ٣٩٧ ـ ٣٩٨ ط دار الكتاب العربي بيروت.
(٢) نفس المصدر.
(٣) نفس المصدر.