وفي رواية ابن أعثم الكوفي قال : « وكان في مرضه يرى أشياء لا تسرّه كأنّه يهذي هذيان المدنف ، وهو يقول اسقوني اسقوني ، فكان يشرب بالماء الكثير فلا يروى ، وكان ربما غشي عليه اليوم واليومين ، فإذا أفاق من غشوته ينادي بأعلا صوته : ما لي ولك يا حجر بن عدي ، ما لي وما لك يا عمرو بن الحمق ، ما لي وما لك يا بن أبي طالب. إن تعاقب فبذنوبي وإن تغفر فإنك غفور رحيم » (١).
( وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ) (٢) ، ( فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لأَصْحَابِ السَّعِيرِ ) (٣) ، ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) (٤) ، ( وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمْ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ) (٥).
ومع هذه الخاتمة السيئة واعترافه ببعض جرائمه يطالعنا الذهبي في سير أعلام النبلاء فيقول : « ومعاوية من خيار الملوك الّذين غلب عدلهم على ظلمهم ، وما هو ببريء من الهنات والله يعفو عنه » (٦).
____________________
(١) الفتوح ٤ / ٢٥١.
(٢) ق / ١٩.
(٣) الملك / ١١.
(٤) النساء / ١٧ ـ ١٨.
(٥) الأنعام / ٩٣.
(٦) سير أعلام النبلاء ٤ / ٣١٢ ط دار الفكر بيروت.