( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاّ كَذِباً ) (١). ألم يقرأ الذهبي قوله تعالى : ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا ) (٢)؟ وهل يسع الذهبي ومن على مذهبه وذهبه إحصاء من أزهقت نفوسهم ظلماً وعدواناً أيام حكم معاوية؟ فكم هي الدماء الطاهرة الزكية الّتي أريقت على رمال صفين مع عمار وابن التيهان والمرقال وبقية المؤمنين؟
وكم هم شهداء بلاد المسلمين الّتي جاست خيول الضلالة بأمر معاوية ديارهم فنهبت أموالهم وأزهقت أرواحهم وحتى سبيت نساؤهم؟ من المدينة المنورة إلى اليمن جنوباً ومن هيت وعانة إلى القادسية وعين التمر شرقاً سوى من قتلوا بمصر مع محمّد بن أبي بكر غرباً ودع عنك جرائم زياد وسمرة ، في الكوفة والبصرة ، وكم لهذين المسخَين من نظائر ، ومع هذه الجرائم كلّها يسميها الذهبي هنات : ( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) (٣).
وبموت معاوية تفاقم الخطب والخطر على النفر الّذين كانوا يمثّلون المعارضة وفي مقدمتهم الإمام الحسين ( عليه السلام ) وعبد الله بن عباس وبقية العبادلة.
أمّا كيف استقبل أولئك النفر نبأ موت معاوية فليس يعنينا فعلاً إلاّ معرفة موقف ابن عباس ، ولا شك أنّه قد تسرّب إلى نفسه اليأس من استصلاح الحال بعد موت معاوية ، وقد رويت عنه رواية تمسّك بها بعض الباحثين في بيعته ليزيد وهي لا تصح سنداً ولا دلالة.
____________________
(١) الكهف / ٥.
(٢) النساء / ٩٣.
(٣) القصص / ٥٠.