فقد روى البلاذري عن المدائني عن عبد الرحمن بن معاوية قال : « قال عامر بن مسعود الجحمي : إنّا لبمكة إذ مرّ بنا بريدٌ ينعى معاوية ، فنهضنا إلى ابن عباس وهو بمكة وعنده جماعة وقد وضعت المائدة ولم يؤتَ بالطعام فقلنا له : يا أبا العباس ، جاء البريد بموت معاوية ، فوجم طويلاً ثمّ قال : اللّهمّ أوسع لمعاوية ، أما والله ما كان مِثل مَن قبله ، ولا يأتي بعده مثله ، وإنّ ابنه يزيد لمَن صالحي أهله ، فالزموا مجالسكم واعطوا طاعتكم وبيعتكم ، هات طعامك يا غلام ، قال : فبينا نحن كذلك إذ جاء رسول خالد بن العاص وهو على مكة يدعوه للبيعة ، فقال : قل له اقض حاجتك فيما بينك وبين مَن حضرك ، فإذا أمسينا جئتك ، فرجع الرسول فقال : لابدّ من حضورك فمضى فبايع » (١).
وسند هذا الخبر فيه ما يسقطه عن الاعتبار :
فعامر بن مسعود راوي هذا الخبر كان عامل ابن الزبير على الكوفة فهو وإن ذكره ابن حبان في ثقات التابعين إلاّ أنّه قال : « يروي المراسيل ، ومن زعم أنّ له صحبة فقد وهم » (٢) فهو غير مأمون في حديثه على ابن عباس للخلاف مع ولي نعمته ابن الزبير.
والراوي عنه عبد الرحمن بن معاوية هو ابن الحويرث الانصاري الزرقي أبو الحويرث المدني الّذي قال فيه مالك : ليس بثقة ، قال ابن عدي : ليس له كثير حديث ومالك أعلم به لأنّه مدني ولم يرو عنه شيئاً. وقال أبو حاتم : ليس بقوي يكتب حديثه ولا يحتج به ، وعن ابن معين : ليس يحتج بحديثه. وقال مالك : قدم علينا سفيان فكتب عن قوم يذمون بالتخنيث يعني أبا الحويرث منهم ، قال أبو
____________________
(١) أنساب الأشراف ١ / ٢٨٩ ق ٤ تح ـ احسان عباس.
(٢) أنظر تهذيب التهذيب ٥ / ٩١.