غدوة وعشية ( وكان قد نزل بأعلى مكة وضرب هناك فسطاطاً ضخماً ... ثمّ تحول الحسين إلى دار العباس حوّله إليها عبد الله بن عباس ) (١) » (٢).
قال ابن أعثم في تاريخه : « وأقام الحسين بمكة في شهر شعبان ورمضان وشوال وذي القعدة.
قال : وبمكة يومئذ ـ أحسب مراده في ذي القعدة ـ عبد الله بن عباس ( رضي الله عنه ) وعبد الله بن عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) فأقبلا جميعاً حتى دخلا على الحسين وقد عزما على أن ينصرفا إلى المدينة ، فقال له ابن عمر : أبا عبد الله رحمك الله اتق الله الّذي إليه معادك فقد عرفت من عداوة أهل هذا البيت لكم وظلمهم إياكم ، وقد ولي الناس هذا الرجل يزيد بن معاوية ، ولست آمن أن يميل الناس إليه لمكان هذه الصفراء والبيضاء فيقتلونك ويهلك فيك بشر كثير ، فإني قد سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وهو يقول : حسين مقتول ، ولئن قتلوه وخذلوه ولن ينصروه ليخذلهم الله إلى يوم القيامة ، وأنا أشير عليك أن تدخل في صلح ما دخل فيه الناس ، واصبر كما صبرت لمعاوية من قبل ، فلعل الله أن يحكم بينك وبين القوم الظالمين.
فقال له الحسين أبا عبد الرحمن أنا أبايع يزيد وأدخل في صلحه ، وقد قال النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فيه وفي أبيه ما قال؟
فقال ابن عباس : صدقت أبا عبد الله ، قال النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في حياته : ما لي وليزيد ، لا بارك الله في يزيد ، وانّه يقتل ولدي وولد ابنتي الحسين ( رضي الله عنه ) والّذي نفسي بيده لا يقتل ولدي بين ظهراني قوم فلا يمنعونه الا خالف الله بين قلوبهم وألسنتهم ، ثمّ
____________________
(١) ما بين القوسين لم نجده في تاريخ ابن أعثم ط دار الندوة ، فظن خيراً ، وازدد خُبراً بمطبوعات العصر الحديث. ودار العباس كانت بين الصفا والمروة ، منقوشة عندها العَلَم الّذي يسعى منه من جاء من المروة إلى الصفا قارن نفس المصدر في المتن.
(٢) مقتل الحسين ١ / ١٩٠ ط الزهراء في النجف.