بكى ابن عباس وبكى معه الحسين وقال : يا بن عباس تعلم أني بنت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )؟
فقال ابن عباس : اللّهمّ نعم نعلم ونعرف أنّ ما في الدنيا أحد هو ابن بنت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) غيرك ، وأن نصرك لفرضٌ على هذه الأمة كفريضة الصلاة والزكاة الّتي لا يقدر أن يقبل إحداهما دون الأخرى.
قال الحسين : يا بن عباس فما تقول في قوم أخرجوا ابن بنت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) من داره وقراره ومولده وحرم رسوله ومجاورة قبره ومولده ومسجده وموضع مهاجره ، فتركوه خائفاً مرعوباً ، لا يستقر في قراره ولا يأوي في موطن ، يريدون في ذلك قتله وسفك دمه ، وهو لم يشرك بالله شيئاً ، ولا اتخذ من دونه ولياً ، ولم يتغيّر عمّا كان عليه رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) والخلفاء من بعده؟
فقال ابن عباس : ما أقول فيهم إلاّ أنّهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلاّ وهم ( كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاّ قَلِيلاً * مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ) (١) وعلى مثل هؤلاء تنزل البطشة الكبرى ، واما أنت يا بن بنت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فإنّك رأس الفخار برسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وابن نظيره البتول ، فلا تظن يا بن بنت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) انّ الله غافل عمّا يعمل الظالمون. وأنا أشهد أنّ من رغَب عن مجاورتك وطمع في محاربتك ومحاربة نبيّك محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فما له من خلاق.
فقال الحسين : اللّهمّ اشهد.
فقال ابن عباس : جعلت فداك يا بن بنت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كأنك تنعى إليّ نفسك وتريد مني أن أنصرك؟ والله الّذي لا إله إلاّ هو أن لو ضربت بين يديك
____________________
(١) النساء / ١٤٢ ـ ١٤٣.