نصرته ولو باللسان ، ولكن ابن عمر أخطأ حظه وقد واتته الفرصة ، ولا غرابة منه فهو هو منذ اعتزاله بيعة الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بالخلافة ثمّ مبايعته لمعاوية ولابنه يزيد واستمر على وتيرته حتى بايع الحجاج لعبد الملك بن مروان.
ويشمّ ذلك من عدم تعقيب للإمام الحسين ( عليه السلام ) على ذلك بشيء ، كما أنّه مرّ في آخر تلك المحاورة من جملة كلام الإمام الحسين ( عليه السلام ) مع ابن عباس قوله له : « فامض إلى المدينة في حفظ الله ، ولا تخفي عليّ شيئاً من أخبارك ... ».
فهذا إذن بالإنصراف لكنه قبل التصميم والعزم على التوجه إلى العراق ، ولكن المحاورات اللاحقة بعد ذلك كانت بعد التصميم والعزم ، وهنا كان محورها نصيحة ابن عباس بعدم التوجه إلى العراق والتحذير من خيانة أهله ، والتذكير بأفعالهم وغدرهم. وفي جميعها لم يرد من الحسين ( عليه السلام ) أي دعوة لنصرته لا من ابن عباس ولا من غيره من بني هاشم.
نعم وردت دعوة ترغيب صريحة في كتابه الّذي كتبه من مكة إلى أخيه محمّد بن الحنفية وإلى من كان قبله بالمدينة من بني هاشم ، وهو مروي بسند صحيح في كامل الزيارات وإليك نصه : قال ابن قولويه مؤلف الكتاب : « وحدّثني أبي رحمه الله وجماعة مشايخي عن سعد بن عبد الله عن عليّ بن إسماعيل بن عيسى ومحمّد بن الحسين ابن أبي الخطاب عن محمّد بن عمرو بن سعيد الزيّات عن عبد الله بن بكير عن زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : كتب الحسين بن عليّ من مكة إلى محمّد بن عليّ : بسم الله الرحمن الرحيم ، من الحسين بن عليّ إلى محمّد بن عليّ ومَن قِبلَه من بني هاشم : أمّا بعد فإنّ من لحق بي استشهد ، ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح والسلام » (١).
____________________
(١) كامل الزيارات / ٧٥.