وامتنع الناس من الهدم ، فعلا عبد الله بن الزبير على البيت فهدم ، فلمّا رآه الناس يهدم هدموا ، فلمّا ألصقها بالأرض خرج ابن عباس من مكة ـ إلى الطائف ـ إعظاماً للمقام بها وقد هدمت الكعبة وقال له : اضرب حوالي الكعبة الخشب لا تبق الناس بغير قبلة » (١).
وقال الأزرقي في أخبار مكة : « دعا ابن الزبير وجوه الناس وأشرافهم وشاورهم في هدم الكعبة فأشار عليه ناس غير كثير بهدمها ، وأبى أكثر الناس هدمها ، وكان أشدهم عليه إباءً عبد الله بن عباس وقال له : دعها على ما أقرّها عليه رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فإنّي أخشى أن يأتي بعدك من يهدمها فلا تزال تهدم وتبنى ، فيتهاون الناس في حرقها ولكن أرقعها » (٢).
وقال : « ولم يقرب ابن عباس مكة حين هدمت الكعبة حتى فرغ منها ، وأرسل إلى ابن الزبير : لا تدع الناس بغير قبلة وأنصب لهم حول الكعبة الخشب واجعل عليها الستور ، حتى يطوف الناس من ورائها ويصلون إليها ، ففعل ذلك ابن الزبير » (٣).
وقال الفاسي في شفاء الغرام : « رأى ابن الزبير أن يهدم الكعبة ويبنيها فوافقه على ذلك نفر قليل وكره ذلك نفر كثير منهم ابن عباس ( رضي الله عنهما ). وكان هدم ابن الزبير لها يوم السبت في النصف من جمادى الآخرة سنة ٦٤ ... » (٤).
وقال : « فقال له ابن عباس ( رضي الله عنهما ) : إنّي أرى أن تصلح ما وهى منها ، وتدع بيتاً أسلم الناس عليه ، وحجارة أسلم الناس عليها وبعث عليها النبيّ صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ... » (٥).
____________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٣ / ٦ ط الغري.
(٢) أخبار مكة ١ / ط الماجدية بمكة المكرمة سنة ١٣٥٢.
(٣) نفس المصدر / ١٣٤ ، وراجع نفس المصدر / ١٤٢ ـ ١٤٣ فثمة نحو ذلك بأسانيد أخرى.
(٤) شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام ١ / ٩٧ ط دار إحياء الكتب العربية سنة ١٩٥٦.
(٥) نفس المصدر / ٩٨ ، وقارن تفسير ابن كثير ١ / ١٨٣ ط دار الفكر بيروت.