زيد ، فقد قالوا انّ هذه الآية تدل على أنّ الإنسان يعاقب على ما ينويه من المعاصي بمكة وإن لم يعمله (١).
ولهم في ذلك حجة شرعية من الكتاب المجيد قوله تعالى : ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) فقد جعل إرادة الفعل سبباً للعذاب. كما أنّ قوله تعالى في سورة القلم ( ١٧ ـ ٢٠ ) دالة على ذلك ، قال تعالى : ( إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ).
فقد عوقبوا بمجرّد العزم على أن يفعلوا وهم بعدُ لم يفعلوا ، وسيأتي مزيد بيان حول ذلك في الحلقة الثالثة في تفسيره إن شاء الله تعالى. فابن عباس إنّما خرج من مكة خشية أن يرى من ابن الزبير مزيداً من التهاون بأمر الكعبة ، فهو لا يقدر على حفظ خاطره من إرادة ظلمه للناس أو ظلمه لنفسه ، فكيف لو وقع في الفعل من مشادة ابن الزبير وكثير من الناس يَرون رأيه ، فربّما أدّى ذلك الجدال إلى الجلاد ، وهذا ما حمل ابن عباس إلى سكنى الطائف تلك الفترة. وبقي هناك كما يبدو من نص في كتاب المناسك وأماكن طريق الحج جاء فيه : « عن مجاهد قال ابن عباس : أفرغوا منها؟ ـ يعني الكعبة ـ قلت : نعم ، قال : كأني أنظر إليها كرجل أبيض ، أما إنّهم لو تركوها كما كانت على عهد محمّد صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم كان خيراً » (٢).
____________________
(١) راجع تفسير القرطبي ١٢ / ٣٥ ط دار احياء التراث العربي.
(٢) المناسك وأماكن طريق الحج ومعالم الجزيرة / ٤٩٠ تح حمد الجاسر ط دار اليمامة ـ الرياض.