المذكور بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : انّه دخل على ابن الزبير وأنا معه ، فقال ابن الزبير : أنت الّذي تنحلني وتدّنني فقال ابن عباس : نعم إنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ... فما هو معنى تنحلني وتدنني؟
هل تنحلني من النحلة بمعنى العطية؟ أو من تنحّله ادعاه لنفسه وهو لغيره؟ أو من نحله القول نسبه إليه؟
وهل تدنني من الدنو بمعنى القرب؟ أو من الدناوة بمعنى القرابة؟ أو من الدناءة بمعنى الحقارة؟ ومن الدنيّ كغنيّ الساقط الضعيف؟ أو من دنّى في الأمور تدنية تتبع صغيرها وكبيرها؟ كلّ ذلك لم يفصح عنه رواته.
مع أنّ خبر سعيد بن جبير الّذي رواه المسعودي وقد مرّ آنفاً وفيه قول ابن الزبير ( أنت الّذي تؤنبني وتبخلّني ) صريح صحيح ، وقد رواه محمّد بن نصر المروزي مسنداً في كتابه تعظيم قدر الصلاة (١). فبعد هذا التصريح لا معنى للتحريف والتصحيف ، بل يعد ذلك من التزييف والتخريف.
٤ ـ نور الدين الهيثمي ( ت ٨٠٧ ) ذكر الخبر في مجمع الزوائد ، وقال : « رواه الطبراني وأبو يعلى ورجاله ثقات » (٢).
وهذا الرجل أكبر همه النظر في رجال الأسانيد ـ شأن قومه ـ دون إعارة المتون قليلاً من الإلتفات ، فما دام الرواة عنده ثقات ، فعلينا التسليم بما رووه وإن كان من الترهات؟!
ويبدو من المصحّفين أنّهم تبعوا مَن قبلهم في التعتيم على ما يخدش كرامة أحدٍ الصحابة مثل ابن الزبير المعيّر بالبخل ، وإن تمّ ذلك على إهدار
____________________
(١) راجع رقم / ٣.
(٢) مجمع الزوائد ٨ / ١٦٧ ط القدسي سنة ١٣٥٣.