قبة زمزم ، أمّا ابن عباس فقد ضيّق عليه في منزله ، وهذا هو الحبس الأوّل وكان في سنة ٦٤.
أمّا الحبس الثاني فكان سنة ٦٧ وكان ابن عباس في جملة المحبوسين من بني هاشم ، فقال ابن أبي الحديد : « جمع عبد الله بن الزبير محمّد بن الحنفية وعبد الله بن عباس في سبعة عشر رجلاً من بني هاشم منهم الحسن ابن الحسن بن عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وحصرهم في شعب بمكة يعرف بشعب عارم وقال : لا تمضي الجمعة حتى تبايعوا إلي أو أضرب أعناقكم وأحرّقكم بالنار ، ثمّ نهض إليهم قبل الجمعة يريد إحراقهم بالنار ، فالتزمه ابن مسور بن مخرمة الزهري ، وناشده الله أن يؤخرهم إلى يوم الجمعة ، فلمّا كان يوم الجمعة دعا محمّد بن الحنفية بغسول وثياب بيض ، فاغتسل وتلبّس وتحنّط ، لا يشك في القتل ، وقد بعث المختار بن أبي عبيد من الكوفة أبا عبد الله الجدلي في أربعة آلاف ، فلمّا نزلوا ذات عرق ، تعجّل منهم سبعون على رواحلهم حتى وافوا مكة صبيحة الجمعة ، ينادون يا محمّد يا محمّد! وقد شهروا السلاح حتى وافوا شعب عارم فاستخلصوا محمّد بن الحنفية ومن كان معه ، وبعث محمّد بن الحنفية الحسن بن الحسن ينادي : مَن كان يرى أنّ لله عليه حقاً فليشم سيفه ، فلا حاجة لي بأمر الناس ، إن أعطيتها عفواً قبلتها ، وان كرهوا لم نبتزهم أمرهم.
وفي شعب عارم وحصار ابن الحنفية فيه يقول كثير بن عبد الرحمن :
ومن ير هذا الشيخ بالخيف من منى |
|
من الناس يعلم أنّه غير ظالم |
سمّي النبي المصطفى وابن عمه |
|
وحمّال أثقال وفكّاك غارم |
تخبّر من لاقيت أنك عائذٌ |
|
بل العائذ المحبوس في سجن عارم » (١) |
____________________
(١) شرح النهج ٢٠ / ١٢٣ تح ـ محمّد أبو الفضل إبراهيم.