وقال ابن الأثير في تاريخه : « فلمّا استولى المختار على الكوفة وصارت الشيعة تدعو لابن الحنفية خاف ابن الزبير أن يتداعى الناس إلى الرضابه ، فألح عليه وعلى أصحابه في البيعة له ، فحبسهم بزمزم وتوعدهم بالقتل والاحراق وإعطاء الله عهداً إن لم يبايعوا أن ينفذ فيهم ما توعدهم به ، وضرب لهم في ذلك أجلاً ، فأشار بعض من كان مع ابن الحنفية عليه أن يبعث إلى المختار يعلمه حالهم ، فكتب إلى المختار بذلك وطلب منه النجدة ، فقرأ المختار الكتاب على الناس وقال : انّ هذا مهديكم وصريخ أهل بيت نبيّكم ، قد تركوه ومن معه محصوراً عليهم ، كما يحصر على الغنم ، ينتظرون القتل والتحريق في الليل والنهار ، لست أبا اسحق إن لم أنصرهم نصراً مؤزراً ، وإن لم أسرّب الخيل في إثر الخيل كالسيل يتلوه السيل : حتى يحل بابن الكاهلية الويل ـ يعني ابن الزبير وذلك ان أم خويلد أبي العوام زهرة بنت عمرو من بني كاهل بن اسد بن خزيمة ـ فبكى الناس ، وقالوا سرّحنا إليه وعجّل ، فوجّه أبا عبد الله الجدلي في سبعين راكباً من أهل القوّة ، ووجّه ظبيان بن عمارة أخا بني تميم ومعه أربعمائة ، وبعث معه لابن الحنفية أربعمائة ألف درهم ، وسيّر أبا المعمّر في مائة ، وهاني بن قيس في مائة ، وعمير بن طارق في أربعين ، ويونس بن عمران في أربعين ، فوصل أبو عبد الله الجدلي إلى ذات عرق فأقام بها حتى اتاه عمير ويونس في ثمانين راكباً ، فبلغوا مائة وخمسين رجلاً ، فسار بهم حتى دخلوا المسجد الحرام ومعهم الرايات وهم ينادون يا لثارات الحسين ، حتى انتهوا إلى زمزم ، وقد أعدّ ابن الزبير الحطب ليحرقهم ، وكان قد بقي من الأجل يومان ، فكسروا الباب ودخلوا على ابن الحنفية فقالوا : خل بيننا وبين عدو الله ابن الزبير ، فقال لهم اني لا أستحل القتال في الحرم.