ألم يشبهه بالبغل حين ردّ على ابن الزبير ما قاله في رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وأهل بيته؟ راجع الشاهد الخامس.
ألم يقل لابن أبي مليكة ـ وهو قاضي ابن الزبير ومؤذنه ـ : « إنّ الله كتب بني أمية وابن الزبير محلّين »؟ وقد مرّ ذكر الخبر في ذلك.
ألم يقل لمن قال له : « إنّ ابن الزبير ينتقصك فقال : دُبى حجل (١) لو ذات سوار لطمتني (٢) أما والله إنّي لأعرف دخلاًً ودُخيلاً » (٣).
فأيّ كلام أغلظ من هذا فكره ابن الأثير ذكره؟ ولن يبق الجواب مقبوراً في الصدور إلى يوم النشور ، ما دمنا نقرأ حواراً جرى بين ابن الزبير وبين ابن عباس بعد مقتل المختار.
فقد رواه البلاذري في أنسابه وباقتضاب : قالوا : « وقال عبد الله بن الزبير لابن عباس وأخبره بأمر المختار ، فرأى منه توجّعاً وإكباراً لقتله ، أتتوجع لابن أبي عبيد ، تكره أن تسمّيه كذّاباً؟ فقال له : ما جزاؤه ذلك منا ، قتل قتلتنا وطلب بدمائنا وشفى غليل صدورنا » (٤).
وإلى القارئ ما جرى بتفصيل أوفى ـ وهو الّذي أشار إليه ابن الأثير بقوله : « فدخل ابن عباس على ابن الزبير وأغلظ له فجرى بينهما كلام كرهنا ذكره » فلئن كره هو ذكره ، فإنّ الخوارزمي الحنفي المتوفى سنة ٥٦٨ هـ لم يكره ذلك فقد أورده بنصه وفصه ـ
____________________
(١) الدبى : المشي رويداً والحجل هو نزو الغراب في مشيته يعني ان ابن الزبير نزا في مشيته نحو الخلافة.
(٢) مثل يضرب ، الكريم يظلمه دنيء لئيم فلا يقدر على احتمال ظلمه ، ويعني أنّه لو ظلمني من هو كفؤ لي لهان عليّ ، ولكن ظلمني من هو دوني ودنيء.
(٣) أنساب الأشراف ( ترجمة ابن عباس ) بخطي برقم / ٧٩.
(٤) أنساب الأشراف ٥ / ٢٦٥ ط أفست المثنى ببغداد ، وقارن ابن الأثير ٤ / ١١٧ ط بولاق.