وأشار إلى ذلك ابن أبي الحديد في شرحه ، فقال : « وأنكرت الصحابة على ابن عباس قوله في الصرف وسفّهوا رأيه حتى قيل إنّه تاب من ذلك عند موته » (١).
أقول : لقد روى ابن حزم عدم رجوعه عن سعيد بن جبير وهو من المختصين به. ومهما يكن فسوف يأتي البحث حول هذه الفتيا الّتي أثارت عليه نقد الصحابة في الحلقة الثالثة في فقهه. وممّا ينبغي الإشارة إليه أنّه لم يكن وحده يرى ذلك ، فقد كان ابن الزبير وأسامة بن زيد وزيد بن أرقم يرون مثل رأيه أيضاً كما في الخلاف للشيخ الطوسي (٢) والمغني (٣).
٣ ـ أخرج الخزاز في كفاية الأثر بسنده عن عطاء قال : « دخلنا على ابن عباس وهو عليل بالطائف في العلة الّتي توفي فيها ـ ونحن رهط ثلاثين رجلاً من شيوخ الطائف ـ وقد ضعف ، فسلّمنا عليه وجلسنا ، فقال لي : يا عطاء من القوم؟ قلت : يا سيدي هم شيوخ هذا البلد منهم عبد الله بن سلمة الحضرمي الطائفي وعمارة بن الأجلح وثابت بن مالك فما زلت أعدّ له واحداً بعد واحد ، ثمّ تقدموا إليه فقالوا : يا بن عم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وسمعت منه ما سمعت ، فأخبرنا عن أختلاف هذه الأمة ، فقوم قد قدّموا عليّاً على غيره ، وقوم جعلوه بعد ثلاثة؟
قال ـ عطاء ـ فتنفّس ابن عباس وقال : سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول : ( عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ ، وهو الإمام والخليفة من بعدي ، فمن تمسّك به فاز ونجا ، ومن تخلف عنه ضل وغوى ، يلي تكفيني وتغسيلي ، ويقضي ديني ، وأبو سبطيّ
____________________
(١) شرح النهج ٤ / ٤٥٩.
(٢) الخلاف ٣ / ٤٢ ـ ٤٣ ط جماعة المدرّسين بقم.
(٣) المغني لابن قدامة الحنبلي المقدسي ٤ / ١ ط دار المنار.