ـ ان صح التعبير ـ منهج النقد الأدبي ، وسيأتي في الحلقتين الثانية والثالثة ، ما يعزّز ذلك ، لذلك فهم حضور عنده إن لم يكونوا بأشخاصهم فبأشعارهم. وهم إن حضروا عنده يستظلون بظلاله الوارف أدباً وخُلقاً. وربما تأثر بعضهم في اتجاهاته. والآن إلى نموذجين فريدين منهم ، أولهما عمر بن أبي ربيعة المعروف بشاعر الغزل وثانيهما الحطيئة الشاعر الهجّاء الّذي لم يسلم من هجائه حتى أبويه بل وحتى نفسه (١).
١ ـ مع ابن أبي ربيعة في المسجد الحرام بمكة المكرمة :
روى أبو الفرج الأصبهاني في كتابه الأغاني بسنده عن عمر الزكاء وهشام ابن الكلبي قالا : « بينا ابن عباس في المسجد الحرام وعنده نافع بن الأزرق وناس من الخوارج يسألونه ، إذ أقبل عمر بن أبي ربيعة في ثوبين مصبوغين مورّدين ممصّرين ، حتى دخل وجلس ، فأقبل عليه ابن عباس ، فقال له عمر متّعني الله بك إنّ نفسي قد تاقت إلى قول الشعر ، ونازعتني إليه ، وقد قلت منه شيئاً أحببت أن تسمعه وتستره عليّ. فقال : أنشدني فأنشده :
أمن آل نُعم أنت غاد فمبكر |
|
غداة غدٍ أم رائحٌ فمهجّرُ |
حتى أتى على آخرها. فقال ابن عباس : أنت شاعر فقل ما شئت. فأقبل عليه نافع بن الأزرق فقال : الله يا بن عباس إنّا نضرب إليك أكباد الإبل من أقاصي
____________________
(١) قال الدكتور شوقي ضيف في تاريخ الأدب العربي في العصر الإسلامي / ٩٩ ط دار المعارف : وتروى له أهاج في زوج أمه وفي أمه وفي ضيفانه وكلّها مزاح حتى لنراه يمزح مع نفسه فيقول :
أرى لي وجهاً شوّه الله خلقه |
|
فقُبّح من وجه وقُبّح حامله |