البلاد نسألك عن الحلال والحرام فتتثاقل عنا ، ويأتيك مترف من مترفي قريش فينشدك :
رأت رجلاً مّا إذا الشمس عارضت |
|
فيخزي وإمّا بالعشي فيخسرُ |
فقال : ليس هكذا قال ، قال : فكيف قال؟ فقال قال :
رأت رجلاً مّا إذا الشمس عارضت |
|
فيضحى وإمّا بالعشي فيخصرُ |
فقال : ما أراك إلاّ قد حفظت البيت!؟
فقال : نعم وإن شئت أن أنشدك القصيدة أنشدتكها؟ قال : فإني أشاء. فأنشده إياها حتى أتى على آخرها » (١).
ـ وفي رواية عمر بن شبة : أنّ ابن عباس أنشدها من أولها إلى آخرها ، ثمّ أنشدها من آخرها إلى أولها مقلوبة ، وما سمعها قط إلاّ تلك المرّة صفحاً ـ قال الراوي وهذا غاية الذكاء ـ فقال له نافع : يا بن عباس أسمعت هذا الشعر قبل اليوم؟ قال : لا وربّ هذه البنية.
قال : ما رأيت أحفظ منك! قال : لو رأيت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ـ.
وفي رواية في الأغاني : « انّه قال بعضهم : ما رأيت أذكى منك قط ، فقال : ولكنني ما رأيت قط أذكى من عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه ، رأيت احفظ مني ، كان ليصلي ، فيدع الآية ثمّ يركع ثمّ يقوم ، فإذا قال : ( وَلا الضَّالِّينَ ) رجع إلى الموضع الّذي ركع فيقرأها وينظم انتظاماً ، لا يعلم أحد ممّن رآه ما صنع إلاّ حافظ كتاب الله تعالى ».
____________________
(١) الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني ١ / ٣٢ و ٣٦ ط بولاق.