أن لا يأذن لأحد من الناس حتى يخرج هؤلاء النفر ، فلمّا جلسوا تكلم معاوية فقال : الحمد لله الّذي أمرنا بحمده ، ووعدنا عليه ثوابه ، نحمده كثيراً كما أنعم علينا كثيراً ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأن محمّداً عبده ورسوله ، أمّا بعد : فإنّي قد كبر سنّي ووهن عظمي ، وقرب أجلي ، وأوشكت أن أدعى فأجيب وقد رأيت أن أستخلف عليكم بعدي يزيد ، ورأيته لكم رضا وانتم عبادلة قريش وخيارها وأبناء خيارها ، ولم يمنعني أن أحضر حسناً وحسيناً إلاّ أنهما أولاد أبيهما على حسن رأيي فيهما ، وشديد محبتي لهما ، فردوا على أمير المؤمنين خيراً يرحمكم الله.
فتكلم عبد الله بن عباس فقال : الحمد لله الّذي ألهمنا أن نحمده ، واستوجب علينا الشكر على آلائه وحسن بلائه ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله وصلّى الله على محمّد وآل محمّد ، أمّا بعد : فإنّك قد تكلّمتَ فأنصتنا ، وقلتَ فسمعنا ، وان الله جلّ ثناؤه وتقدست أسماؤه اختار محمداً صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم لرسالته ، واختاره لوحيه وشرّفه على خلقه ، فاشرف الناس من تشرّف به ، وأولاهم بالأمر أخصهم به ، وإنّما على الأمة التسليم لنبيها إذ اختاره الله لها ، فإنّه إنّما اختار محمّداً بعلمه وهو العليم الخبير. واستغفر الله لي ولكم » (١).
أقول : وأحسب أنّ نقصاً طرأ في رواية كلام ابن عباس من الرواة ، وذلك فإنّ ما يقتضيه بيانه من أنّ أولى الناس بأمر أخصهم بمحمّد أن يقول وهم آل محمّد وليس أحد اليوم أولى من الحسن والحسين بذلك.
____________________
(١) الإمامة والسياسة ١ / ١٤٢ ط مصر سنة ١٣٢٨ هـ.