وفي الآية إشارة مهمّة إلى أنّ الوحدة وعدم النّزاع يحتاج إلى صبر وتحمّل نفسي وتجمّل.
وإذا ما كان الأعداء متوحّدين أمامنا وكنّا عاجزين عن تجاوز وتجميد خلافاتنا في مقابلهم فإنّ الهزيمة الشنعاء هي المستقبل الذي ينتظرنا لا سمح الله.
وقديماً وقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أمام أصحابه المتفرّقين لينذرهم بتغلّب جيش معاوية المتّحد عليهم ، يقول : والله لأظُنُّ أنّ هؤلاء القوم سيُدالون منكم باجتماعهم على باطلهم وتفرّقكم عن حقكم (١).
إنّ الخلافات والصّراعات في أوساط المؤمنين العاملين تسبّب انخفاضاً وتراجعاً كبيراً في نشاطهم وفعاليتهم في السّاحة وذلك للأسباب التالية :
أوّلاً : حينما تتآلف القلوب وتتراصّ الصفوف فإنّ الله تعالى ينزل بركاته وتوفيقه ، أمّا حينما تدبّ الفرقة والنزاع وتسود الخلافات فإنّ الله ينزع بركته ويسلب تأييده وتوفيقه.
ولعلّ ذلك ما يشير إليه الحديث الشريف المروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يد الله مع الجماعة (٢).
ثانياً : حالات الصّراع والخلاف الداخلي تحدث في نفس الإنسان انفعالات وجراحات ومضاعفات جدّ مقيتة ، فيمارس الإنسان العامل دوره في السّاحة ونفسه مثقلة بتلك المضاعفات مما يقلّل من اندفاعه وإنتاجيته وجودة
__________________
١ ـ نهج البلاغة ١ : ٦٥ ، خطبة ٢٥.
٢ ـ كنز العمال ٧ : ٥٥٨ الحديث ٢٠٢٤١.