أسمائه تعالى كـ ( بسم ربِّك وبسم الخالق ) (١).
وحكى النحاس عن بعضهم أنَّه لا حذف أصلاً وإنّما أصله : ( سِم ) أو ( سُم ) بكسر السين أو ضمّها من غير همز ، وسُكِّنت السين بدخول الباء تخفيفاً لوقوعها بعد كسرة أو ضمّةٍ (٢). وهو غير بعيد عن الصواب ؛ لأنَّ ذلك إحدى لُغاته بلا ارتياب ، مع سلامته من التكلُّف والاضطراب.
وحيث كان الجار والمجرور وُصْلة ورابطة لغيرهما فلا بدّ لهما من متعلَّق يتعلّقان به ، وهو واحد من ثمانية أُمور حاصلة من ضرب اثنين : الفعليّة والاسميّة ، في أربعة : العموم والخصوص والتقديم والتأخير ، ولكلٍّ واحد منها مناسبة ترجِّحه في الجملة ، ولعلّ أوّلها ما كان فعلاً خاصّاً مقدّماً أو مؤخّراً ؛ لما لا يخفى على الفطن اللبيب ، وكان له من المعرفة بالأساليب أوفر نصيب.
و ( الله ) عَلَمٌ عربي للذَّات الواجب الوجود البحت الباتّ ، كما هو الحقّ عند أهل التحقيق ، وهو الحريّ بالقبول والتصديق ؛ ولهذا صحَّ وصفه دون الوصف به كما هو حقُّ الأسماء العَلَمِيَّة ، ولاتّصافه تعالى بالوحدة الحقيقيَّة عن جميع التكثُّرات ولو اعتباريَّة ذهنيّة أو خارجيّة ، لا أنّه معرّب ( لاها ) الذي هو لفظ سرياني فحذفت الألف من آخره للتخفيف ثمّ أُدخلت عليه أداة التعريف ، ولا أنّه وصف لمفهوم الواجب لذاته أو مفهوم المعبود بالحقّ كما قيل ؛ إذ لو كان كذلك لم يكن قولنا : ( لا إله إلّا الله ) ، مفيداً للتوحيد الحقيقي ؛ لاحتمال المفهوم من حيث هو الشركة المستلزمة للتكثُّرات المنافية للوحدة الحقيقيَّة.
فقُصارى ما تفيده حينئذٍ انحصار الإله في هذا المفهوم الكُلّي المحتمل للأفراد المنتشرة والمصاديق المتكثّرة ، لكن التالي باطل فالمقدّم مثله ، لا لما قيل من أنَّه لو
__________________
(١) الدرّ المصون في علوم الكتاب المكنون ١ : ٥٥.
(٢) الدرّ المصون في علوم الكتاب المكنون ١ : ٥٥.