الأجزاء حينئذٍ كأنّها مندمج بعضها في بعض ، فيكون الكلّ كالبسيط ، فيصح نسبة الحكم بالمخصوص بالكلّ إلى الجزء ويسري منه إليه ، فليتأمّل.
مع أنّ مبنى الشرع الشريف على الظواهر العرفيّة لا الدقائق الحكميّة.
ثمّ الباء هنا تحتمل الاستعانة والملابسة ، فإنّ ذكر اسمه المبارك الميمون مثمرٌ للبركة على جميع الحالات والشؤون ، وتظهرُ الثمرة في اللَّغْوِيّة والاستقرار :
فعلى الأول يكون الظرفُ لغواً ، وهو ما كان عامله خاصّاً غير واجب الحذف ؛ إمّا لكونه لغواً من الضمير ، أي خالياً منه ؛ أو لعدم تعلُّقه بالاستقرار العامّ ، وعلى الأخير يكون مستقراً ( بفتح القاف وكسرها ) وهو عكس الأول ، كالواقع خبراً وحالاً ونعتاً وصلةً ووصفاً.
قيل : إمّا لاستقرار الأصل فيه ؛ لأنَّ الظرف لمّا قام مقام عامله انتقل إليه ، وإمّا لكون عامله الفعلَ العامَّ من الاستقرار والثبوت ، والكون والحصول ، والملابسة والوجود.
ويرجِّح الأول مضافاً إلى ما رواه الإمام العسكري عليهالسلام في تفسيره (١) والصدوق في معانيه (٢) وتوحيده (٣) عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : « تقول : بسم الله ، أي أستعين على أُموري كلِّها باللهِ الذي لا تحقُّ العبادةُ إلّا له » أنَّ جعل الاسم الكريم وسيلةً لحصول الفعل مشعرٌ بزيادة مدخليّته وتمام الانقطاع إليه ، حتى كأنَّه لا يتمّ الفعل بل لا يحصل إلّا به ، ومعنى الملابسة عارٍ عن ذلك الإشعار غايةً ، وناءٍ عنه نهاية.
ويرجِّح الثاني كونُ الملابسة أدخل في التعظيم والتبجيل ، وأوغل في التكريم والتجليل ؛ لجعلها حينئذٍ متعلّقةً بالتبرّك.
__________________
(١) تفسير الإمام العسكري عليهالسلام : ٢٨ / ٩ ، باختلاف. وفيه نصّ الحديث عن الإمام العسكري عليهالسلام نفسه : ٢١ ٢٢ / ٥.
(٢) معاني الأخبار : ٤ / ٢ ، والحديث فيه منسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام.
(٣) التوحيد : ٢٣٢ / ٥ ، باختلاف.