وأُورِدَ عليه أنَّ تقدير التبرّك حالة الملابسة يخرجها عن حيز الاستقرار وينأى بها عن صقع ذاك المزار ، إذ المستقر هو ما كان عامله عامّاً واجب الحذف والإضمار ، والتبرّك خاصّ ، فاعتبروا يا أُولي الأبصار.
وأُجيب بأنَّ الفعل العامّ قد تقوم قرينةٌ تخصّصه ببعض الأفراد ، وذلك غير قادح في الاستقرار ، فإنّا إذا قُلنا : ( زيدٌ على الفرس ) ، فالأصل مستقرٌّ ، إلَّا إنَّ المراد منه بحسب القرينة الدالّة عليه راكبٌ.
وقد يقال : إنَّه مع قيام القرينة على إرادة الفعل الخاصّ فلا ريب في دخوله في حيّز تعريف اللغو وخروجه عن ضابط الاستقرار العامّ ؛ بناءً على أعمّيّة الخاصّ من الأصلي والعرضي ، فيفضي إلى عود الكلّ إلى الاستقرار العامّ.
وبطلانُهُ غير خفيِّ على ذي التأمُّل التامّ ؛ إذ لنا أنْ نقدِّر على تقدير إرادة الاستعانة أيضاً ـ ( متلبِّساً ) إلّا إنّ المراد بحسب مقتضى المقام على الاستعانة ، وهو خلاف ما صرّح به الأعلام.
ويحتمل كونها للإلصاق أيضاً ؛ لأنَّه أدخل في شدّةِ الملازمة ، مضافاً لأصالته فيها كما يظهر من غير واحدٍ ، وظاهر مرويّ الصدوق في ( التوحيد ) و ( العيون ) عن الرضا عليهالسلام : أنَّه سُئِل عن معنى قول القائل : بسم الله ، فقال : « أي ، أسِمُ [ على (١) ] نفسي بسِمةٍ من سمات الله عزوجل » قيل : ما السمة؟ قال : « العلامة » (٢).
واحتمل بعضٌ كونها صِلةً ، أيْ زائدةً لتحسين اللفظ ، فمحلّ مجرورها حينئذٍ رفع على الابتداء ، وخبره محذوف تقديره : كهفي أو عوني أو حصني.
ولا يخفى ما فيه من مخالفة الأصل من وجهين ، مع عدم المقتضي لذلك في البين ، كما في تجويز بعضٍ آخر (٣) كونها حالَّة محلّ اسم تقديره ابتدائي ، وحذف خبرها ، أي ابتدائي ثابت ، إذ هو كما ترى.
__________________
(١) من المصدر.
(٢) من المصدر.
(٣) مجمع البيان ١ : ٢١.