العبارات عدم دلالة بعضها كما نحن فيه على الإجماع الحقيقي الاصطلاحي ، لا نفي الحجيّة في نفي هذا الاتّفاق الكاشف أصلاً ، ولا نفي كونه إجماعاً باعتبار الكشف المنقول ولو مجازاً ، على أنّه إنّما يتمّ في الإجماع المنقول لا ما يدّعى من المحصّل الثابت الحصول ، إلّا إنّ في حجّيّة مثل هذا الاتّفاق كلاماً طويل الذيل ، مستمدّ السيل ، كما هو مبسوطٌ في فنّ الأُصول ، والله العالم الموفّق لنيل السؤل.
الدليل الثالث : الأخبار الكثيرة المتضافرة ، كما صرّح به ثاني الشهيدين في ( شرح النفليّة ) ، بل البالغة حدّ التواتر كما صرّح به بعض الفضلاء كـ ( الرياض ) (١) وغيره.
ويؤيّده : عمل السيّد المرتضى (٢) ، وابن البرّاج (٣) بها ، وحكمهم بموجبها ، مع ما علم من طريقهم من عدم عملهم بأخبار الآحاد الظنيّة ، وقَصْرِهم العمل على السنّة المتواترة القطعيّة.
ويزيده تأييداً : أنّ المعتبر في التواتر عند الإماميّة هو حصول العلم بصحّة النقل ، وأمّا العدد فغير معتبرٍ عندهم بالكلّيّة ، كما صرّح به المازندراني (٤) وغيره من محقّقي الإماميّة ، مضافاً إلى ما صرّح به غير واحدٍ من المحقّقين ، كالسيّد المرتضى (٥) ، والشيخ الطوسي (٦) ، والمحقّق الثالث في بحث الإجازة من ( المعالم ) ، وصاحب ( الرواشح السماويّة ) (٧) المعروف بثالث المعلّمين المحقّق العماد السيّد محمّد باقر الداماد ، والشيخ حسين بن شهاب الدين ، والورعين المجلسيّين ، والسيّد عبد الله الشوشتري ، وغيرهم من المحدّثين والمجتهدين ، بأنّ أخبارنا المعمول بها عندنا ؛ أمّا متواترة ، أو كالمتواترة في إفادة العلم واليقين ، على أنّه إنْ لم يحصل اللفظي فلا أقلّ من المعنوي.
__________________
(١) رياض المسائل ٢ : ٣٠٧.
(٢) رسائل المرتضى ( المجموعة الثالثة ) : ٤٠.
(٣) المهذّب ١ : ٩٧.
(٤) شرح أُصول الكافي ( المازندراني ) ٢ : ٢٦٧ ، وفيه : ( يشترط في التواتر كثرة الناقل في جميع المراتب ).
(٥) رسائل المرتضى ( المجموعة الأُولى ) ١ : ٢٦.
(٦) الاستبصار ١ : ٣ ـ ٥.
(٧) الرواشح السماويّة : ٤٠ ٤٢.