وحينئذٍ ، فالقطرة المتّحدة إذا اتّصل عمودُها بالسماء كالقطرات المتعدّدة ، لكن مع مراعاة الصدق عرفاً ، لا مطلقاً.
ولعل السيّد المذكور أراد هذا المعنى المزبور ، كما لعلّه لهذا الوجه السديد جعلَ ثاني الشهيدين ذلك القول غير بعيد.
وهذا الوجه وإنْ لم يكن بعيداً بل هو قريب من الاعتبار لكنّي لم أقِفْ على مَنْ تنبّه له ، أو نبّه عليه صريحاً من علمائنا الأبرار ، وإنْ لم يخرج عن مرادهم في مطاوي كلماتهم ، فاعتبروا يا أُولي الأبصار.
إلا إنّ الاحتياط الذي يُرجى به السلامة من الاختباط ، هو العمل على ما تقدّم من اعتبار الكثرة والجريان بالمعنى المعتبر عند علمائنا الأعيان.
إذا عرفت هذا ..
فاعلم : أنّ المتقاطر من السماء حال نزول المطر إذا استوعب موضع النجاسة وأزال العين طاهرٌ مطهّرٌ ، بلا خلافٍ ولا إشكال.
أمّا على القول المشهور من عدم اشتراط الجريان فظاهرٌ.
وأمّا على قول الشيخ رحمهالله فالظاهر أنّه لا يناط التطهير به هنا ؛ لما نقل عنه (١) من التصريح بالاكتفاء في تطهير الأرض بالماء القليل.
فينحصر الخلافُ في ابن حمزة ؛ وابن سعيد إنْ لم يُحمَل كلامهما على إرادة الورود والوقوع على المحلّ النجس ، لا خصوص جريان المطر وسيلانه من مكانٍ إلى آخر ، كما هو غير بعيد.
كما انّ احتمال تخصيص كلام الشيخ رحمهالله بخصوص الماء القليل من غير ماء المطر غيرُ سديد.
__________________
(١) الخلاف ١ : ٤٩٤ / مسألة ٢٣٥ ، عنه في مدارك الأحكام ٢ : ٣٧٧.