ويحتمل قويّاً أنْ يراد بالتسبيح في صحيح الأزدي التسبيحات الأربع ، وهي ( سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلّا الله ، والله أكبر ) ؛ لأنّها صارت كالمراد الشرعي من لفظ التسبيح في لسان المتشرّعة ، بحيث ينصرف لها الإطلاق وإنْ لم توجد قرينةٌ في السياق. ويؤيّده أيضاً ما في خبر أبي خديجة (١) من التصريح بهذه الكيفيّة.
ولا فرق كما مرّ بين أنْ يسمع المأموم قراءة الإمام الإخفاتيّة أم لا ؛ لإطلاق الخبرين. ولا إشكال فيه على القول بعدم وجوب الإنصات للقراءة ، أمّا على القول بوجوبه مطلقاً كما في بعض الأخبار وظاهر الآية ، أو في خصوص قراءة الإمام في الفريضة كما مرّ في صحيح زرارة فلا يخلو من إشكالٍ ، إلّا أنْ يمكن الجمع بين التسبيح والأذكار ، بناءً على أنّ الإنصات هو السكوت في مقابلة الجهر بالكلام للاستماع ، أو يحمل الإنصات المأمور به في الآية والرواية على خصوص السكوت عن القراءة ، مضافاً لما مرّ من انصراف الأمر بالإنصات إلى الإنصات في سماع القراءة الجهريّة لا مطلق السماع ولو في الإخفاتيّة ، إلّا أنْ يدّعى انصراف أوامر الذكر لما هو الغالب من عدم السماع في الإخفاتيّة ، وترك الذكر حال السماع في الإخفاتيّة ، إنْ لم يمكن الجمع ، والله العالم.
وإن كان في أخيرتي الإخفاتيّة فالذي نقله أوّل الشهيدين في ( شرح نكت الإرشاد ) (٢) عن السيّد والشيخ استحبابُ قراءة الفاتحة ؛ لصحيح ابن سنان وخبر أبي خديجة المتقدّمين (٣).
ولكن قال ثانيهما في ( روض الجنان ) وتبعه عليه الشيخ سليمان ما لفظه :
( وإنْ كانت إخفاتيةً ، ففيها أقوالٌ :
أحدها : استحباب القراءة فيها مطلقاً. وهو الظاهر من كلام المصنّف هنا ، يعني ( الإرشاد ) (٤).
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٧٥ / ٨٠٠.
(٢) غاية المراد : ٢١٣.
(٣) انظر ص ٢٥٤ ، هامش ٢ ، ٣.
(٤) انظر ص ٢٥٨ ، هامش ٣.