والجواب عن الرابع : أوّلاً باختصاص التأسّي بما لم يُعلم وجهه لا ما عُلم.
وثانياً بملازمتهم عليهمالسلام على المستحبّات ، ولا سيّما المؤكّدات ، كملازمتهم على الواجبات ، حتى إنّهم يعدّون الاشتغال بالمباحات من الذنوب ، فيستغفرون عنها علّام الغيوب ؛ لمنافاتها الإقبال بالكلّيّة على المحبوب.
وثالثاً بما قيل من عدم شمول أدلّة التأسّي للمقام ؛ لعدم ثبوت قراءتهم في الأُخريات ، فينتفي موضوع الجهر بالبسملات.
وفيه : أنّه لا يتمّ بالنسبة الى الأخبار الدالّة على الإجهار من حيث إقامة الشعار وإنْ تمّ في ما يُدّعى ظهوره في الأُوليات من الأخبار ، وهذا بحمد الله واضح المنار ، فاعتبروا يا أُولي الأبصار.
أمّا ما أجاب بعض الفضلاء المعاصرين من خلوِّ الأخبار الكثيرة الواردة في مقام البيان ، من ذكر الجهر بالبسملة بالكلّيّة ، كصحيح ابن قيس (١) ومُعْتبر أبي خديجة (٢) ، وابن حازم (٣) ، وابن عمّار (٤) ، وغيرها من الأخبار ، حيث تضمّنت الأمر بالقراءة من غير تعرّض للجهر بالبسملة فغير نصٍّ في المراد :
أمّا أوّلاً ؛ فلأنّ الأحكام لا تؤخذ من مقام واحد.
وأمّا ثانياً ؛ فلأنّ الجهر بها لمّا كان من شعارهم ومعلوماً عندهم يحتاج إلى بيانه ، فلا يلزم منه تأخير البيان عن وقت الحاجة ، بل ولا الخطاب.
وأمّا ثالثاً ؛ فلأنّه لو دلّ على عدم الوجوب لدلّ على عدم التحريم وعدم الاستحباب ، ومنع الاشتراك واضح الفساد ، وظاهر الكساد.
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٩٧ / ٣٦٢ ، الوسائل ٦ : ١٢٥ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ٥١ ، ح ٩.
(٢) التهذيب ٦ : ٢٧٥ / ٨٠٠ ، الوسائل ٦ : ١٢٦ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ٥١ ، ح ١٣.
(٣) التهذيب ٢ : ٩٩ / ٣٧١ ، الوسائل ٦ : ١٢٦ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ٥١ ، ح ١١.
(٤) التهذيب ٢ : ١٤٦ / ٥٧١ ، الوسائل ٦ : ١٢٥ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ٥١ ، ح ٨.