وقيل : إنَّ الخبر هنا متعدّد ، أي موجود وممكن ، فيفيد عدم إمكان الغير ، ووجوده سبحانه بالفعل.
وفيه : أوّلاً : أنَّ القرينة وهي نفي الجنس إنّما تدلّ على الوجود دون الإمكان.
وثانياً : أنَّ سلب المجموع عن غيره لا يستلزم عدم إمكان الغير ؛ لإمكان اجتماع إمكان غيره مع وجوده بالفعل.
وكيف كان ، فهو من الضعف بمكان. ومثله في الضعف ما عوّل عليه بعضهم من أنّ من جملة نكات حذف الخبر ذهاب ذهن السامع كلّ مذهب ممكن ، فيعتبر نفي الوجود والإمكان معاً فيلزم وجوده تعالى ونفي إمكان غيره فيحصل التوحيد ، إذ لا يخفى عليك أن ذهاب الذهن إليهما عند الحذف إنّما هو على سبيل البدل دون الاجتماع ، فيلزم على كلِّ تقدير المحذور الوارد عليه حال الانفراد.
وقد قيل فيها أقوال كثيرة يفضي ذكرها إلى الإطناب والخروج عن موضوع الكتاب.
والحق أنَّ مبنى الشرع الشريف إنّما هو على الظواهر العرفيّة دون التدقيقات الحكميّة والاحتمالات العقليّة. وقد تعبّدنا الشارع الأقدس بإسلام مَنْ قال هذه الكلمة الطيبة من الكفّار من غير تفتيش لهم عمّا يقدّرونه لها من الأخبار ، وصاحب الدار أعرف بما في الدار.
وإنّما عقّبها بقوله : ( وحده ) مع دلالة ما قبله على التوحيد ؛ تنصيصاً على التوحيد البحت في الذات ، بمعنى تنزيهه عن جميع الكثرات بجميع الاعتبارات ؛ لأنّ الأوهام لأُنسِها بالكثرات وإلفها بالتعدّدات قد تتوهّم أنّه تعالى كلّي أو جزئي من مفهومه يستحيل وجود غيره ، فأزال هذا التوهّم بتأكيد التوحيد ومزيد التنصيص على التفريد.
ثمّ إنَّ هذا وإنْ كان بالنسبة إلى استعماله في الممكنات نصّاً في توحيد الذات إلّا إنَّ الأوهام لمزيد إلفها بنظائرها قد تحتمل التعدّد في الصفات والأفعال والاستحقاق