الموضعين بالظهر والعصر على تقدير تسليمه فهو راجع إلى فتوى الأصحاب كما مرّ آنفاً ، فإنّ الظهر والعصر إخفاتيّتان ، فكأنه قدسسره قال : ويستحب الجهر بالبسملة في المواضع السرّيّة ، فيكون ذكر الظهر والعصر تمثيليّاً لا حصريّاً ، فيعلم منه حكم المواضع الباقية ؛ لتساويها في الإخفات فيها. فهو مع ما عرفت من عدم القائل بالفرق ، وأمّا على ما احتملناه فلا إشكال.
وثانياً : أنّ جملة من أفاضل الأذكياء نقلوا عنه قدسسره إطلاق القول بالمدّعى من غير تقييد بأحد كتبه ولا نقل العدول عنه ، فيقتضي القول به في ذينك الكتابين ، فهل يليق نسبة الخطأ إلى ذلك الجمّ الغفير من أُولي الفهم والعلم الغزير في عدم فهم مراد الشيخ قدسسره إلى زمن ابن إدريس.
وأمّا قوله : ( وأيضاً : فلا خلاف في أنّ مَنْ ترك الجهر بالبسملة في الأخيرتين لا يلحقه ذمّ ) .. إلى آخره.
ففيه : أنّا نمنع عدم الخلاف ؛ لما عُلم من ثبوت القول بالوجوب قديماً وحديثاً ، فيثبت الذمّ على الترك ، كما هو علامة الوجوب.
وأمّا قوله : ( وما لا ذمّ في تركه ويخشى في فعله أن يكون بدعة ومعصية يستحقّ بها الذمّ ومفسداً لصلاته ، فتركه أوْلى وأحوط في الشريعة ).
ففيه : أنّ ما نحن فيه غير داخل في البدعة بوجهٍ ، لأنّها ؛ إمّا ما ليس له أصل في كتاب ولا سنّة ، كما في ( مجمع البحرين ) (١) ، أو ما لم يكن في زمان النبيّ صلىاللهعليهوآله ، أو كلّ عبادة لم تشرّع أصلاً ثمّ أُحدثت بغير دليل شرعي ، وكلّ من هذه المعاني غير صادق على المتنازع فيه ، كما لا يخفى على نبيه.
وأمّا الاحتياط فقد عرفت أنْ لا موضع له في ما نحن فيه.
وأمّا قوله : ( وأيضاً : فقد ورد في لفظ الأخبار ) .. إلى آخره.
فقد تقدّم ما فيه مراراً ، بل الصحيح الأوّل ممّا يناقض غرضه ، بل يدلّ على
__________________
(١) مجمع البحرين ٤ : ٢٩٨ ـ ٢٩٩ بدع.