وأضرابهما من أوتاد الأنام ، قد يسألون الإمام عمّا لا يجهله سائر العوامّ من أحكام الشكوك والطهارة والصلاة والصيام ، حتّى إنّ جميل بن درّاج الذي أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه قد جهل كميّة السعي ، فسعى أربعة عشر شوطاً ، مع جعلهم إيّاه في عداد الفقهاء كعبد الله بن مسكان ، وحمّاد بن عيسى ، وحمّاد بن عثمان ، حيث قال : ( حججنا ونحن صرورة فسعينا بين الصفا والمروة أربعة عشر شوطاً ) (١).
ولا وجه لحملة على النسيان ؛ لأنّ قوله : ( ونحن صرورة ) يقتضي الجهل ضرورة. هذا ، مع أنّه لم يؤثّر نقصاً في جلالتهم وفقاهتهم وطول صحبتهم للإمام ، كما لا يخفى على ثاقبي الأفهام.
وإنّي ليعجبني كلامٌ لبعض الأعلام يحسن إيراده في هذا المقام ، حيث قال في حكم الصلاة في الأماكن الأربعة ما لفظه : ( والقول بالتخيير وأفضليّة التمام قول علمائنا كلّهم أو جلّهم ، وخلافه شاذّ نادر .. إلى أنْ قال ـ : ولا ينافي ذلك كون راوي التقصير من أجلّة أصحابنا ؛ لجواز كون روايته وقت ضعفه ، وقبل ارتقائه إلى الجلالة ) .. إلى آخره.
وأمّا خامساً ؛ فلعدم الجزم بكون ابن سنان هو عبد الله ، واحتمال كونه محمّداً أخاه ، وهو مهملٌ في رجال الصادق عليهالسلام ، وروايته عن الصادق عليهالسلام غير عزيزة في الأخبار ، ففي كتاب ( العلل ) في باب كراهة أكل الثوم والبصل والكرّاث : ( أخبرني علي بن حاتم ، قال : حدّثنا محمّد بن جعفر الرزّاز ، قال : حدّثنا عبد الله بن محمّد بن خلف ، عن الحسن بن علي الوشّاء ، عن محمّد بن سنان ، قال : سألت : أبا عبد الله عليهالسلام عن أكل البصل والكرّاث ) (٢) .. إلى آخره.
وفي الجزء الحادي عشر من كتاب ( الأمالي ) المنسوب للشيخ الطوسي ، برواية
__________________
(١) الكافي ٤ : ٤٣٦ / ٣ ، الوسائل ١٣ : ٤٩٢ ، أبواب السعي ، ب ١٣ ، ح ٥.
(٢) علل الشرائع ٢ : ٢٣٦ / ٢.