عقلاً وشرعاً. وهي من جنود الجهل وحزب الشيطان ، وبها فشى الظلمُ والعدوان ونشا الفسقُ والعصيان والجرأةُ على مخالفة الرّحمن والمحادّة لأولياءِ الملك الديّان.
وأمّا قوله : ( وإنْ كانت سُلبت منهم عقولُهُم فما تكليفهم حينئذٍ ولا عقلَ لهم ).
فالجواب : أنّ العقل الذي هو مناط التكليف المقابل للجنون المسقط له حاصلٌ فيهم ، فالتكليفُ ثابتٌ عليهم ؛ لوجود مقتضياته وزوال موانعه ، وإنّما المسلوبُ عنهم شرعاً اسم العقل العلمي والعملي اللذين هما المنجيان وتترتب عليهما عبادة الرّحمن واكتسابُ الجنان لصرفهم تلك القوّة في طاعة الشيطان.
وأمّا قوله : ( وإنْ كانت عقولُهم لم تزلْ فيهم ... إلى قوله ـ : فما الفائدةُ في وجود شيءٍ لا نفعَ فيه؟ ).
فالجواب عنه يعرف من الجواب عن سابقه ، وهو أنّ العقل الذي هو مناط التكليف ثابتٌ فيهم ، مع أنّ تلك القوّة النظريّة لم تزل عنهم بالكليّة ، بل أصلها ثابت ، وإنْ كان فرعها لعدم العمل بمقتضاها غيرَ ثابت ، فَمَثَلُهم كمثل مَنْ ملّكه اللهُ أرضاً جيّدة صالحةً لجميع الحرث والغرس بحسب الإرادة ، وماءً نابعاً صالحاً لسقيها في كلّ وقت أراده فأهملها حتى استولى عليها الخراب فسلبها عن الإفادة ، فاللومُ إنّما يتوجّه عند العقلاء عليه بحسب الإهمال ، ويعدُّ من أهل الاستطاعة دون الفقر والإقلال ولو لقدرته على تلافي تقصيره في العمارات ، ولو بالتدريج في كثيرٍ من الأوقات.
وكَمثل مَنْ كانت له جوهرة غالية في غاية الجودة والصفاء والحسن والغلاء ، فاستعملها فيما يوجب لها الحقارة ويزيل عنها الصفاء والنضارة ، ومَنْ عنده مِسْكة أو عنبرة ، فألقاها في المواضع القذرة ، حتى أذهبت منها الرائحة العطرة.
ولا شكّ أنّ من هذا شأنه يستحقّ بحسب الحكمة الإهانةَ على تفويته تلك الإصانة ، ويوجب عليه العقلاء المبادرةَ إلى ما يعيدها سيرتها الاولى بأنواع المعالجاتِ ولو في كثيرٍ من الأوقات .. إلى غير ذلك من الأمثال الظاهرة لذي