تميّز البائع من المشتري في المعاطاة الفعليّة
قوله : (الثالث : تميّز البائع عن المشتري في المعاطاة الفعليّة) (١).
حيث إنّه رحمهالله بنى على كون المعاطاة بيعا استصعب التمييز بين البائع والمشتري من جهة عدم إنشاء لفظيّ ، حتّى ذكر رحمهالله في بعض صورها وجوها تأتي الإشارة إليها ، ونحن لمّا بنينا من عدم تحقّق قصد الإنشاء في التعاطي المعمول بين الناس ، وعدم كونه من البيع في شيء وإنّما يكتفى به في مقام البيع عن البيع ، في غنى عن ذلك ، لأنّه حينئذ لا بيع حتّى يتميّز بين البائع والمشتري.
وأمّا التمييز بينهما ولو في غير المقام ، فكلّما ذكروه في ذلك من قبيل اللوازم والآثار ، وحقيقة التمييز إنّما يظهر بما ذكرناه في بيان حقيقة البيع وكيفيّة إنشائه ، فإنّ أحد العوضين فيه لمّا كان مقصودا بالأصالة والآخر مقصودا بالتبع كان مالك المقصود بالأصالة بايعا ، ومالك المقصود بالتبع مشتريا.
فمالك الثمن إنّما يكون مشتريا ، لأنّ الثمن إنّما يقصد به التوصل إلى المقاصد ، وليس هو بنفسه من المقاصد ، فيكون صاحبه مشتريا لذلك ، بخلاف سائر الأموال ، فإنّها مقصودة بنفسها بالذات ، وحينئذ فكلّ معاوضة كان أحد العوضين فيه ثمنا كان صاحب العوض الآخر بائعا ، وصاحب الثمن مشتريا.
وإنّما يقع الإشكال فيما إذا كان العوضان معا عروضا ، كما إذا أراد بيع اللحم بالحنطة ـ مثلا ـ أو الحنطة باللحم ، فهل إجراء صيغة البيع ـ أعني الإيجاب ـ وظيفة صاحب اللحم أو الحنطة؟ فنقول يمنع في ذلك المقصود بالأصالة ،
__________________
(١) المكاسب : ٣ / ٧٧.