عدم جريان المعاطاة في الوقف
قوله : (ولأجل ما ذكرنا في الرهن يمنع من جريان المعاطاة في الوقف) (١).
وتفصيل جريانها فيه بناء على ما بنينا عليه يتوقّف على معرفة حقيقة الوقف ، وكيفيّة تأثيره ، فنقول : حقيقته تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة ، أي بإخراج المال عن نفسه ، وتسبيل ثمرته ، والتسبيل ينقسم على وجوه لا يخلو أنواعه عن هذه الثلاثة مع اشتراك الجميع في الإخراج عن النفس :
الأوّل : تمليك الانتفاع ، أي جعل العين الموقوفة كالمباحات الأصليّة من حيث الانتفاع ، فيجوز لكلّ من الموقوف عليهم خصوص الانتفاع بها بنفسه لا بالمعاوضة عليه ، كوقف المساجد والمدارس والرباط.
الثاني : تعيينها للصرف في جهة خاصّة كالوقف للصرف في التعزية ومعونة المحتاجين من الزوّار والمجاورين ، أو مطلق وجوه البرّ ، وهذا يوجر ويعاوض بمنافعها ، ويصرف العوض فيما عينه الواقف.
الثالث : تمليك المنفعة ، أي تسليط الموقوف عليهم على العين تسليطا أقوى من الأوّل ، فيرجع منافع العين الموقوفة إليهم مطلقا ، سواء استوفوها بأنفسهم أو بالمعاوضة عليها ، فيكون لكلّ واحد فيها حصّة معيّنة يختصّ به ، بخلاف الأوّل ، بل إن غصبها غاصب ضمن قيمة ما استوفاه ، أو فات تحت يده لهم ، بخلاف الأوّل.
فلو سكن المدرسة ـ مثلا ـ غير الموقوف عليه غصبا لم يضمن لأحد وإن
__________________
(١) المكاسب : ٣ / ٩٤.