للتفرقة بذلك بعد فرض صحّته وحصول إنشائه وتعلّقه بإيجاب واحد ، فإنّ الدلالة على إنشاء النقل في لفظ «قبلت» إنّما ينشأ من جهة تعلّقه بالإيجاب المتضمّن للمعاوضة دون ما لا يتضمّن للمعاوضة.
وهذا لا يفرق في حصوله بعد صحّته قبل الإيجاب أو بعده ، ولا دخل للتأخّر في الدلالة على إنشاء النقل ، وهذا ظاهر.
وما ذكرناه هو المراد ممّا حكي عن «نهاية الإحكام» من أنّ الأصل في القبول «قبلت» وغيره بدل ، لأنّ القبول على الحقيقة ممّا لا يمكن الابتداء به ، فعلّل عدم الجواز بعدم الإمكان ، لا بعدم تضمّنه لإنشاء النقل وخروجه عن كونه أحد ركني العقد (١).
جواز تقديم القبول بلفظ «اشتريت» ونحوه
قوله : (وإن كان التقديم بلفظ «اشتريت» أو «ابتعت» أو «تملّكت» أو «ملّكت هذا بكذا» فالأقوى جوازه) (٢).
وذلك لأنّه ليس المنشأ في شيء من هذه الألفاظ نفس القبول والمطاوعة ، كما كان في لفظ «قبلت» ، بل المنشأ فيها أمر هو أثر لفعل البائع ومتّصف بالمطاوعة في نفس الأمر ، والدلالة عليها إنّما هي بالهيئة الّتي هي وضعها وضع الحروف ، فلا تكون ملحوظة على سبيل الاستقلال ليس إلّا نفس الفعل المنسوب إلى القابل ، فلذا يجوز الابتداء به دون «قبلت».
__________________
(١) نهاية الإحكام : ٢ / ٤٤٨ ، وحكى عنه في مفتاح الكرامة : ٤ / ١٥٣.
(٢) المكاسب : ٣ / ١٥٠.