وقد عرفت صراحة عبائرهم في ذلك ، بحيث لا يمكن رفع اليد عنها بقول العلّامة رحمهالله في ردّ كفاية المعاطاة في البيع : إنّ الأفعال قاصرة عن إفادة المقاصد (١).
فإنّ مقصوده من ذلك إثبات الحاجة إلى الإنشاء اللفظي وعدم كفاية الفعل بوجه ، فأراد إبطال قول الخصم بأبلغ وجه ، لا أنّ النزاع إنّما هو مع قصد الإنشاء بالفعل ، فإنّه إذا لم يكف الفعل مع قصد الإنشاء ، فلا يكفي بدونه بطريق أولى ، ومثله في عدم الدلالة قول المحقّق بأنّ الأفعال ليست كالأقوال في صراحة الدلالة (٢).
ألفاظ عقد البيع
قوله : (قد عرفت أنّ اعتبار اللفظ في البيع ، بل في جميع العقود ممّا نقل عليه الإجماع ، وتحقّق فيه الشهرة العظيمة) (٣).
لا يخفى عليك أنّ اعتماده رحمهالله على هذا الإجماع المحكيّ والشهرة المحقّقة كالاعتراف منه بعدم تحقّق شيء من العقود بالإنشاء الفعلي ، فلا وجه للتمسّك بشيء من عمومات البيع والعقود في صحّة المعاطاة.
فعلى تقدير قصد الإنشاء بالفعل فيها ليس إلّا كالمنابذة ورمي الحصاة في عدم تحقّق البيع بها ، بل عدم تحقيق شيء من العقود بالإنشاء الفعلي مطلقا كالمتسالم بينهم.
__________________
(١) تذكرة الفقهاء : ١ / ٤٦٢.
(٢) جامع المقاصد : ٤ / ٥٨.
(٣) المكاسب : ٣ / ١١٧.