قصد خلافه ، ومن أنشأ الهبة ترتّب عليه الجواز وإن لم يقصده أو قصد خلافه.
وذلك ؛ لظهور أنّ القصد لا مدخليّة له في كيفيّة تأثير الأسباب ، وإنّما القصد له مدخل في إرادة مدلول الإنشاء وإطلاقه أو تقييده ، وحينئذ فالمختار من القضيّة المنفصلة كون التخصيص بإحدى الخصوصيتين بحكم الشارع.
لكن لا يترتّب عليه لزوم إمضاء الشارع العقد على غير ما قصده المنشئ ، لما عرفت من أنّ التبعيّة في القصد إنّما هو في المدلول فقط ، لا في اللوازم والآثار وكيفيّة تأثير الأسباب ، وهذا ظاهر.
ما يدلّ على اللزوم من الكتاب والسنّة
قوله : (فجواز تملّكه عنه بالرجوع فيه من دون رضاه مناف للسلطنة [المطلقة]) (١).
وفيه ؛ أنّ ذلك إنّما ينافيه إذا لم يكن ذا حقّ في الرجوع ، لظهور أنّ عموم السلطنة وإطلاقها لا ينبغي التملّك بالحقّ ، وإلّا لكان أدلّة الخيار والجواز والهبة مخصّصة لعموم السلطنة ، وهو بديهي البطلان ، وحينئذ فالشكّ في التملّك بالرجوع يرجع إلى الشكّ في ثبوت الحقّ ، ولا تعرّض لعموم السلطنة لنفي الحقّ ، وحينئذ فالقول بأنّ غاية مدلول الرواية سلطنة الشخص على ملكه ، ولا نسلّم ملكيّته له بعد رجوع المالك الأصلي ؛ في المتانة.
__________________
(١) المكاسب : ٣ / ٥٣.