يوجب كون أكل الثمن أكلا للمال بالباطل ، لأنّ الثمن في البيع إنّما هو بإزاء المبيع ـ وهو هنا العنب ـ لا بإزاء العمل.
وقد ذكروا في محلّه أنّ الشروط لا يوزّع بإزائها شيء من الثمن ؛ فلا يوجب اشتراط التخمير أن يكون شيء من الثمن بإزاء هذا العمل ، فهذا التعليل إنّما يتمّ في الإجارة بالنسبة إلى الأعمال المحرّمة ، مثل إجارة البيت ـ مثلا ـ لأن يباع فيه الخمر.
وأمّا بيع العنب على أن يعمل خمرا ؛ فالوجه في فساده هو ما ذكرناه من حرمة التسليم إلى هذا المشتري الخاص ، ولو للإعانة على الإثم ، وهي موجبة لسلب القدرة على التسليم شرعا ، وإن لم توجب عقلا.
مضافا إلى عدم مشروعيّة الشرط ، وعدم الرضا بالمعاملة بدون الشرط.
المعاوضة على الجارية المغنّية
قوله في المسألة الثانية : (إذا قصد منها ذلك وقصد اعتبارها في البيع) .. إلى آخره (١).
قد عرفت ممّا تقدّم أنّه لا عبرة بالقصد ولا وجه لإيجابه للفساد ، وإنّما المناط بحرمة التسليم ، فيدور الفساد مداره ، فكلّ مشتر علم أو ظنّ باستعماله الجارية في الغناء يحرم البيع بالنسبة إليه ويفسد ، دون من يوثق به وأنّه لا يستعملها في المنفعة المحرّمة ، فإنّه حينئذ يجوز البيع بالنسبة إليه لثبوت الماليّة ، وعدم تحريم تسليمه بالنسبة إليه.
__________________
(١) المكاسب : ١ / ١٢٧.