وبالجملة ؛ فليس في باب التكاليف والعبادات معاملة ، بل إنّما المقصود بها تحصيل الشرط ، مضافا إلى أنّ أغلب التكاليف إنّما هو ضرري ، فأصل التكليف ينافي مع نفي الضرر ، فيستكشف من ذلك أنّ الضرر في باب التكاليف غير منفي ، فإذا كان المقصود بها تحصيل الشرط الواجب المطلق أو مقدّمته فيجب ما لم يصل إلى حدّ الحرج ، ولذلك ترى الشرّاح بعد قول الماتن وهو : (ولو فقد التراب) يذكرون : عقلا وشرعا.
ومن المعلوم أنّه لا يصدق الفقدان الشرعي إلّا إذا وصل حدّ التحصيل إلى حدّ الحرج ، أو الضرر بحال المكلّف ، وإلّا فمن تمكّن من تحصيل التراب للتيمم بشرائه ولو بأضعاف قيمته ، فلا يصدق عليه الفاقد ما لم يضرّ بحاله ، حتّى يوجب الحرج عليه ، فمن ذلك كلّه ترى الأصحاب ـ قدّست أسرارهم ـ متسالمين بمحكوميّة القاعدة في باب التكاليف ، فاغتنم.
ظهور الغبن كاشف عن ثبوت الخيار من زمان الحدوث
مسألة : الظاهر أنّ ظهور الغبن كاشف عن ثبوت الخيار من زمان حدوث العقد إن لم يكن المتمسّك به في إثبات الخيار هو الإجماع ، وإلّا فيؤخذ بقدر المتيقّن منه ، وهو بعد الاطّلاع على الغبن ، وقد عرفت تماميّة دلالة القاعدة عليه (١).
وأمّا ما يتراءى من بعض الآثار الدالّة على ثبوته بعد الظهور مثل التصرّف فإنّه لا يكون مسقطا إلّا بعد الظهور ، فهو لمّا كان مسقطيّته من جهة الكشف عن
__________________
(١) مع أنّ الضرر أمر واقعي ، فالحكم دائر مداره ، «منه رحمهالله».