وإنّما خرج عن ذلك إشارة الأخرس ، لكونها بمنزلة اللفظ بالنسبة إليه ، كبدليّة الجنب عن الرجل الأقطع ، فيترتّب عليها حكمه بالنسبة إليه خاصّة ، كما يترتّب حكم الرجل على الجنب بالنسبة إلى خصوص الأقطع.
ولذا لا يكفي في ذلك مطلق العذر ، كما إذا فرض بعذر التكلّم في الصحيح من جهة شدّة البرد ـ مثلا ـ فإنّه لا ريب في عدم كفاية الإشارة بالنسبة إليه عن لفظه ، فالإشارة إنّما تكفي في الأخرس ، لكونها بمنزلة الكلام بالنسبة إليه عرفا ، فيصدق على إشارته العقد دون غيره.
ومن هذا الباب ما ورد في طلاقه (١) ، لا أنّه حكم تعبّدي ثبت من جهة الرواية ، وإلّا لوجب الاقتصار على موردها ، ولم يجر التعدّي عنه إلى غيره ، لعدم العلم بالمناط وأولويّة البيع من الطلاق بالتسامح ، لكون الاهتمام في الفروج أزيد إنّما تتمّ على تقدير ثبوت كون ذلك من باب التسامح وهو غير معلوم ، فإنّه قيل بالاكتفاء في الطلاق بقوله : اعتدّي (٢) ولم يكتف بمثله في البيع ، كما أنّه قيل بالاكتفاء في النكاح بالاستيجاب والإيجاب (٣) دون غيره ، فليس المستند في المقام قياسه بالطلاق ، ولا تعذّر التكلّم في حقّه ، فإنّه لا يتمكّن من المباشرة.
وأمّا التوكيل ؛ فغير متعذّر في حقّه ، لأنّه من العقود الإذنيّة الّتي لا يعتبر فيها اللفظ ، ويكتفى فيها بكلّ مظهر للرضا ، كما عرفته في ما تقدّم.
فالحصر المستند بما ذكرناه من كون الإشارة بالنسبة إليه بمنزلة الكلام عرفا وبناء الفقهاء ـ رضوان الله عليهم ـ على ذلك ، وإلّا لم يتمّ شيء ممّا ذكروه من
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٢٢ / ٤٧ الباب ١٩ من أبواب مقدّمات الطلاق وشرائطه.
(٢) نسبه إلى البعض في جواهر الكلام : ٣٢ / ٦٥.
(٣) لاحظ! جواهر الكلام : ٢٩ / ١٣٤ ـ ١٣٥.