ثمّ بيّن ـ دام ظلّه ـ بيانا آخر الدالّ على أنّ سلطنة الغارس إنّما يكون في طول سلطنة المالك للأرض ، وهو أنّ الغارس ما لم يصل حركة ماله وغرسه إلى الأرض المغروسة لم يصدق التصرّف ، وبمحض وصوله إلى ملك صاحب الأرض ـ وهو عبارة عن أوّل سكون يتحقّق بعد الحركة ـ يصدق عليه التصرّف في ملك الغير ، ولا يفترق فيه بين الإبقاء والإشغال الّذي قلنا يتحقّق به التصرّف في مال الغير ، ضرورة أنّ العرف لا يرى بينهما الفرق.
وأمّا تصرّف مالك الأرض في ملك الغارس فلا يصدق إلّا بعد تصرّفه في ملك نفسه بتخليته وتفريغه ولو كان مساوقا لتصرّف الغارس.
وبعبارة اخرى ؛ إنّ تصرّف الغارس في ملكه عين تصرّفه في ملك الغير ، بخلاف طرف مالك الأرض.
والأمر كما ذكره ـ دام ظلّه ـ حقيقة وإن كان محتاجا إلى دقّة ، وإنّما التزم بذلك بعد أن أورد على بيانه الأوّل بأنّ عموم «الناس مسلّطون» (١) .. إلى آخره ، منصرف عمّا يلزم منه نفي سلطنة الغير مطلقا ، سواء كان التنافي بنحو الاستلزام أو العليّة أو غير ذلك ، ولا يكون له لسان خاصّ.
ثمّ أتى ـ دام ظلّه ـ ببيان ثالث لإثبات كون الغارس مهاجما ومالك الأرض مدافعا.
بيان ذلك ؛ أنّه نفرض أوّلا الأمر بالنسبة إلى الحدوث ثمّ بمقايسة المقام عليه ينكشف الغطاء عمّا نحن فيه.
__________________
(١) عوالي اللآلي : ١ / ٢٢٢ الحديث ٩٩ و ٤٥٧ الحديث ١١٩ ، و ٢ / ١٣٨ الحديث ٣٨٣ ، و ٣ / ٢٠٨ الحديث ٤٩.