الوضعيّة غير الأحكام التكليفيّة ؛ لأنّ فيها الإنشاء يرجع إلى التزام وإرادة في الرتبة السابقة ، لا مثلها أن يكون موجدا للإلزام ، بل لمّا جعل علقة لزوميّة بين نفسه وبين العمل أوّلا فينشأ ذاك الالتزام والتعهّد.
ولا يكون المراد أيضا جعل سلطنة أوّلا وبالذات للطرف المشروط له ، بل يكون باب الشرط كسائر أبواب المعاملات ـ مثل الإجارة وغيرها ـ من حيث الالتزام بالعمل وتعهّده أوّلا ، فيستتبع ذلك ثبوت السلطنة لمن له الحقّ والملك ، فله أن يطالب بحقّه ، ويلزم الطرف على التسليم.
كما فهموا كذلك في باب النذر ، إذا نذر كون غنم خاصّ صدقة أو اضحّية ، فحكموا بأنّه لا يجوز للناذر التصرّفات المنافية لما نذر ، وليس ذلك إلّا لأنّهم استظهروا من قوله : لله عليّ أن أتصدّق به ، يصير متعلّقا لحق الله تعالى ، ويخرج عن سلطنته ، فكذلك في باب الشرط (١).
هذا ؛ وأمّا ما أفاده شيخنا قدسسره في المقام بقوله : وكيف كان فالأقوى (٢) .. إلى آخره ، لا يخلو عن المصادرة ؛ لأنّ وجوب الوفاء بالعقد والشرط لا يقتضي جواز الإجبار بالعنوان الخاصّ (٣) وهو صيرورة المشروط متعلّقا لحقّ المشروط [له] ، ويمكن أن يدّعي المنكر بأنّ العقد لا يقتضي الوجوب إلّا على النحو الواجب المشروط ، وأمّا الشرط فلا يقتضي أزيد من الوجوب التكليفي.
وأمّا أنّ الشرط يكون كالعوضين يقتضي خروج المشروط عن مال
__________________
(١) فانقدح من جميع ما ذكرنا : أنّ التحقيق أنّه يجوز للمشروط له إجبار المشروط عليه ، ويجوز له إسقاط هذا الحقّ ، «منه رحمهالله».
(٢) المكاسب : ٦ / ٧٠.
(٣) وإن أمكن بعنوان الأمر بالمعروف ، ومن المعلوم أنّ الغرض في المقام إثبات الحقّ له ، «منه رحمهالله».