تقدير ـ : ليكن سعيد قد تزوّج وأنجب ابنه يحيى في العشرين من عمره ـ أي : في سنة ٤٠ هـ (١) ـ فلا مجال بعدُ لوجود لوط قطعاً ، ولا مجال لعدّ يحيى في أصحاب علي (عليه السّلام) ، ولنفترض أنّ يحيى أبا لوط أيضاً تزوّج وأنجب في العشرين من عمره ـ أي : في سنة ٦٠ هـ هذا أقلّ ما يكون ... ، ولنفترض أنّه بدأ بسماع الحديث في العشرين من عمره ـ أي : في سنة ٨٠ هـ وأنّه جمع أحاديث كتابه هذا في غضون عشرين سنة ـ أي : فرغ من تأليفه قرب المئة الأولى للهجرة ... ـ ولكن يبعد جدّاً أن يكون قد كتبه وأملاه على النّاس إذ ذاك ؛ وتدوين الحديث بعدُ مكروه جدّاً ، بل ممنوع فضلاً عن التاريخ والسّلطة بعدُ مروانيّة اُمويّة ، والظروف للشيعة وأخبارهم ظروف خوف وتقيّة.
ولنا في إشارة أبي مِخْنف في خبر دخول مسلم بن عقيل (عليه السّلام) إلى الكوفة إلى دار المختار بن أبي عبيد الثقفي ـ بقوله : وهي التي تدعى اليوم دار مسلم بن المسيّب ـ إفادة : أنّه ألّف كتابه في المقتل في حدود الثلاثينات بعد المئة من الهجرة ، حيث إنّ مسلم بن مسيّب هذا كان في سنة (١٢٩ هـ) ، عامل ابن عمر
_________________
(١) فكيف يكون يحيى أبو أبي مِخْنف من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، كما ذكر الشيخ الطوسي (قدّس سرّه) في كتابيه؟ وقد سبقنا إلى هذا القول ، الفاضل الحائري في كتابه : منتهى المقال ، فاستدلّ على عدم ملاقاة أبي مِخْنف لأمير المؤمنين (عليه السّلام) ، وضعّف قول الشيخ الطوسي في كتابيه بدرك يحيى (أبي لوط) له (عليه السّلام) ؛ بدليل أنّ جدّ أبيه مِخْنف بن سليم كان من أصحابه (عليه السّلام) ، كما صرح به الشيخ وغيره ، قائلاً : إنّ ذلك ممّا يشهد للشيخ بعدم درك لوط إيّاه (عليه السّلام) ، بل لعلّه يضعّف درك أبيه يحيى أيضاً إيّاه ، إنتهى.
فكون أبي مِخْنف من أصحاب الأمير (عليه السّلام) ـ كما ذكره الكشّي ـ غير ممكن ، ولا موجب لِمَا صدر من الشيخ الغفاري في مقدّمة مقتله من الاستدلال لإمكان اجتماع أبي مِخْنف حتّى مع جدّ أبيه مِخْنف بن سليم ، بكون عمر لوط خمس عشرة وعمر أبيه يحيى خمساً وثلاثين ، وعمر جدّه سعيد خمساً وخمسين وجدّ أبيه مِخْنف بن سليم خمساً وسبعين سنة ؛ فإنّ فيه ما عرفت من خبر أبي مِخْنف عن عمّ أبيه محمّد بن مِخْنف أنّه : كان له يوم صفّين سبع عشرة سنة ، وأنّ أخاه سعيداً لمْ يكن أكبر منه ، بل أصغر ؛ ولذلك لمْ يشهد صفّين وإنّما نقل خبره عن أخيه محمّد ، فيكون عمره زهاء خمس عشرة سنة ، لا خمساً وخمسين.