صنع بالتقيّ الزكيّ المظلوم أمير المؤمنين عثمان بن عفّان.
قال : فبعث عمر بن سعد : عمرو بن الحجّاج (١) على خمسمئة فارس ، فنزلوا على الشريعة وحالوا بين حسين (ع) وأصحابه وبين الماء أنْ يسقوا منه قطرة ، وذلك قبل قتل الحسين (عليه السّلام) بثلاث.
قال : ولمّا اشتدّ على الحسين (ع) وأصحابه العطش دعا العبّاس بن علي بن أبي طالب (ع) ، أخاه فبعثه في ثلاثين فارساً وعشرين راجلاً ، وبعث معهم بعشرين قربة. فجأوا حتّى دنوا من الماء ليلاً ، واستقدم أمامهم باللواء نافع بن هلال الجملي (٢) ، فقال عمرو بن الحجّاج الزبيديّ : مَن الرّجل؟ [فقال : نافع بن هلال].
فقال : ما جاء بك؟ قال : جئنا نشرب من هذا الماء الذي حلأ تمونا عنه. قال : فاشرب هنيئاً. قال : لا والله ، لا أشرب منه قطرة وحسين (ع) عطشان ومَن ترى من أصحابه [ـ وأشار إلى أصحابه ـ] فطلعوا عليه. فقال : لا سبيل إلى سقي هؤلاء ، إنّما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء.
(و) لمّا دنا من [نافع الرّجّالة من] أصحابه قال [لهم] : املأوا قربكم. فشدّ الرّجّالة فملأوا قربهم.
وثار إليهم عمرو بن الحجّاج وأصحابه ، فحمل عليهم العبّاس بن علي ونافع بن هلال ، فكفّوهم ثمّ انصرفوا إلى رجالهم. فقالوا [لهم] : امضوا ، ووقفوا
_________________
(١) مضت ترجمته فيمَن كان من الأشراف ، مع ابن زياد في القصر.
(٢) كان قد بعث بفرسه مع الأربعة نفراً من الكوفة إلى الامام (عليه السّلام) في الطريق مع الطرّماح بن عدي ، وهذا أول خبر يُعلم منه وصوله إلى الامام (عليه السّلام) في كربلاء ، وهو الذي طعن علي بن قرظة الأنصاري ـ أخا عمرو بن قرظة ـ. وكان مع عمر بن سعد ٥ / ٤٣٤. وكان قد كُتب اسمه على أفواق نبله ، فقتل بسهامه اثنى عشر رجلاً منهم حتّى كُسرت عضداه ، وأخذه شمر أسيراً ثمّ قتله بعد أنْ مضى به إلى ابن سعد ٥ / ٤٤٢.