والتقدير : ولكنه من لا يلق ، فأضمر منصوب (لكن) ، فعمل اسم الشرط (من) الحزم.
وإذا عدت إلى الأمثلة التى ذكرها سيبويه بين الإعمال والإهمال فإنك تتحقق من هذه الفكرة ، فإذا قلت : الذى إن تجر وراءه يجر وراءك محمود ؛ فإن أثر حرف الشرط (إن) فى الفعل الثانى (يجرى وراءك) يتوقف على احتساب جملة الصلة ، فإن احتسبتها التركيب الشرطىّ بأداته وجملتيه ، فإنه يكون متكاملا ، وممثلا لجملة تامة الركنين صلة الموصول ، وحينئذ تجزم الأداة الفعلين معا ، وإن احتسبت جملة الصلة (يجرى وراءك محمود) فإن الفعل الثانى يخرج من نطاق التركيب الشرطىّ ، ويمثل جملة الصلة فلا ينجزم ، وتكون جملة الجواب محذوفة دلّ عليها المذكور. ويكون التركيب الشرطى اعتراضا بين الاسم الموصول وصلته.
ومثال احتساب التركيب الشرطى جملة الصلة فعملت الأداة الجزم قوله تعالى : (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً) [آل عمران : ٧٥](١) ، التركيب الشرطى (إن تأمنه يؤده) صلة الموصول (من) لا محلّ لها من الإعراب.
ومن إعمالها أن يقع التركيب الشرطىّ جوابا للنداء ، وجملة جواب النداء لا محلّ لها من الإعراب ، فأصبح التركيب الشرطّى مستقلا فتعمل أداته الجزم ، من ذلك قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) [المائدة : ٥٤] ، التركيب الشرطى (من يرتد ... فسوف يأتى الله) جواب النداء لا محلّ له من الإعراب.
__________________
(١) (من أهل) شبه جملة فى محل رفع ، خبر مقدم. (من) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، مبتدأ مؤخر. (تأمن) فعل الشرط مضارع مجزوم. (لا يؤد) حرف نفى مبنى ، وفعل جواب الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة. (قائما) خبر ما دام منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.