يكون لما بعدها ، وهو إثبات نقيض الحكم الأول له ، فيكون بالإيجاب ، وقد ذكرنا أن ما بعدها يجب أن يكون معناه موجبا معها ، وتدرك بذلك أن الاستدراك أو الإضراب كان من الفعل وحده مثبتا دون معنى النفى.
فلذلك تفيد (بل) المسبوقة بنفى أو نهى تقرير ما قبلها ، وإثبات نقيضه لما بعدها.
فتقول : ما وصل الرجل بل ابنه ، فيكون إقرار معنى ما قبل (بل) لأنه منفى ، فيبقى على حاله من النفى ، ويكون نقيضه لما بعدها ، ونقيضه يكون موجبا ، وبذلك يكون الرجل لم يصل ، وإنما وصل ابنه.
وتقول : لا تشرب الشاى بل اللبن ، فيكون عدم الشرب للشاى ، ولكن الشرب يكون للبن.
وتقول : لم أكتب الدرس بل العنوان. ما ركبت السيارة بل القطار. لا تغلق الباب بل النافذة. لا تأكل المشوىّ بل المسلوق. لا أحبّ المملّح من الأسماك بل المشوىّ منها والمقلىّ.
فيكون على المفهوم السابق إثبات للثانى ما وجب للأول ، وتنفيه عنه.
والآخر : أن يكون الاستدراك أو الإضراب عن معنى النفى ، فتثبته مع الفعل للمعطوف ببل ، فإذا قلت : ما جاءنى زيد بل عمرو ، كان التقدير : ما جاءنى زيد بل ما جاءنى عمرو ، وكأنك قصدت أن تثبت نفى المجىء لزيد ، ثم استدركت فأثبتّه لعمرو ، وبذلك تخبر أن عمرا هو الذى لم يجئ دون زيد (١).
(لا) النافية قبل (بل):
قد تذكر (لا) النافية قبل (بل) ، نحو قول الشاعر :
وجهك البدر لا بل الشمس لو |
|
لم يقض للشمس كسفة أو أفول (٢) |
__________________
(١) يرجع إلى : المقتصد فى شرح الإيضاح ٢ ـ ٩٤٧.
(٢) ينظر : المساعد على التسهيل ٢ ـ ٤٦٥ / صبان على الأشمونى ٣ ـ ١١٣ / شرح التصريح ٢ ـ ١٤٨ / الدرر ، رقم ١٦٣٥. الكسفة : التغير إلى سواد ، الأفول : الغيبوبة ...